وفي باب مرض النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال بعضهم: إن رسول الله قد غلبه الوجع.
وفي باب جوائز الوفد، فقالوا: هجر رسول الله.
فقد صرح البخاري باسم القائل في الأول دون الثاني والثالث، ومنه يعلم أن القائل واحد.
والظاهر أن اللفظ الصادر هو: " هجر رسول الله " ولكن البخاري غيره إلى قوله: " قد غلبه الوجع " تهذيبا للعبارة وتقليلا للاستهجان.
ولأجل ذلك لما رواه أبو بكر الجوهري في كتاب السقيفة أشار إلى تلك النكتة في نقله، وقال: لما حضرت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الوفاة وفي البيت رجال فيهم عمر ابن الخطاب، قال رسول الله: ائتوني بدواة وصحيفة أكتب لكم كتابا لا تضلون بعده، قال: فقال عمر كلمة معناها " أن الوجع قد غلب على رسول الله ثم قال: عندنا القرآن حسبنا كتاب الله ".
هذا ما في البخاري.
وأما مسلم فقد رواه في صحيحه بصور ثلاث:
الصورة الأولى:... اشتد برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وجعه فقال: ائتوني أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعدي فتنازعوا وما ينبغي عند نبي التنازع.
وقالوا: ما شأنه؟ أهجر؟ استفهموه؟، قال: دعوني.
الصورة الثانية: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ائتوني بالكتف والدواة أو اللوح والدواة أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده أبدا.
فقالوا: إن رسول الله يهجر.
الصورة الثالثة: فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: هلم أكتب لكم كتابا لن تضلون بعده.
فقال عمر: إن رسول الله قد غلب عليه الوجع وعندكم القرآن حسبنا كتاب الله.
(صحيح مسلم، الجزء الرابع، كتاب الوصية، باب ترك الوصية لمن ليس له