6 - البداء:
يقول بعض الغلاة بأن الله سبحانه وتعالى يبدو له - أحيانا - غير الذي أراده فيرجع عن إرادته الأولى إلى الذي بدا له، وفي هذا مساس بالقدرة الإلهية، والكمال الإلهي، مما يتناقض مع العقيدة السليمة ومقتضيات العقل، كما يتعارض مع صريح القرآن الكريم، قال تعالى:
* (لا يضل ربي ولا ينسى) *. (1) وقال تعالى: * (ما يبدل القول لدي وما أنا بظلم للعبيد) *. (2) والبداء بهذا المعنى فكرة يهودية روجها " عبد الله بن سبأ " واستغلها بعض الشيعة، لئلا يظهر على أئمتهم كذب فيما يدعونه من علم الغيب، فإن تحقق ما يقولونه لأتباعهم، قالوا لهم: ألم نعلمكم أن هذا سيكون، فنحن نعلم من قبل الله عز وجل ما علمته الأنبياء عن الله، وإن جاء الواقع بخلافه اعتذروا لشيعتهم وقالوا لهم: بدا لله في ذلك أمر.
ولكن " الاثني عشرية " وإن قالوا بالبداء، فهم يفسرونه بمثل ما قال به بعض أهل السنة، من قضاء مبرم وقضاء معلق، وما أشارت إليه خواتيم سورة الرعد من محو وإثبات:
* (يمحوا الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتب) *. (3) فأما القضاء المعلق فهو ما توجهت إليه الإرادة من البداية معلقا على شرط حصوله، وكلاهما مراد منذ البدء دون بداء أو تغير في العلم أو الإرادة، وليس هذا من قبيل ما كان يلجأ إليه كذبة الغلاة تضليلا لأتباعهم حين يتخلف بعض ما قالوا،