الفصل الرابع متكلمو الشيعة عبر القرون قد تعرفت على رؤوس المسائل الكلامية التي شغلت بال المفكرين المسلمين عبر القرنين: الأول والثاني، ومن حسن الحظ أن أئمة أهل البيت عليهم السلام، أخذوها بالبحث والتحليل في خطبهم ورسائلهم وقصار كلمهم، وإنهم وإن أقصوا عن سدة الحكم والخلافة لكن الأمة عكفت على بابهم فيما يتعلق بالعقيدة والشريعة، واعترفت بمرجعيتهم فيهما حتى المتقمصين للخلافة.
ولو أنك سبرت ما أثر عن أمير المؤمنين عليه السلام وولديه السبطين، وما ورد في أدعية السجاد عليهم السلام لوجدت في كلامهم إشارات لتلك المسائل، نذكر بعض النماذج منها.
كان لمسألة القضاء والقدر دوي في العقد الثالث والرابع من الهجرة وكان القدر بمعنى السالب عن الاختيار متفشيا بين المسلمين، وقد سأل الإمام عليا عليه السلام أحد أصحابه عند منصرفه من صفين - وكان انطباعه عن التقدير أنه لا دور للإنسان في محاسن أفعاله ومساويها - وقال:
أخبرنا عن خروجنا إلى أهل الشام أبقضاء من الله وقدر؟ فقال له أمير المؤمنين عليه السلام: " أجل يا شيخ، فوالله ما علوتم تلعة ولا هبطتم بطن واد إلا بقضاء من