يمكن أن تقع من أحد إلا بعناية من الله تعالى، واقتدار منه، فلو كان مدع النبوة كاذبا في دعواه كان إقداره على المعجزة من قبله سبحانه إغرارا بالجهل، وإشادة بالباطل، وذلك محال على الحكيم تعالى، فإذا ظهرت المعجزة على يده كانت دالة على صدقه وكاشفة عن نبوته.
يقول سبحانه: * (ولو تقول علينا بعض الأقاويل * لأخذنا منه باليمين * ثم لقطعنا منه الوتين * فما منكم من أحد عنه حاجزين) * (1).
يريد سبحانه أن محمدا الذي أثبتنا نبوته وأظهرنا المعجزة بتصديقه لا يمكن أن يتقول علينا بعض الأقاويل ولو صنع ذلك لأخذنا منه باليمين ولقطعنا منه الوتين، فإن في سكوتنا عن هذه الأقاويل إمضاء منا لها وإدخالا للباطل في شريعة الحق فيجب علينا حفظ الشريعة في مرحلة البقاء كما يجب علينا حفظها في مرحلة الحدوث.
2 - تنصيص النبي السابق على نبوة النبي اللاحق:
إذا ثبتت نبوة نبي بدلائل مفيدة للعلم ثم نص هذا النبي على نبوة نبي لاحق يأتي من بعده، كان ذلك حجة قطعية على نبوة النبي اللاحق لا تقل في دلالتها عن المعجزة.
ولأجل ذلك يستدل المسلمون بالبشارات الواردة في العهدين على نبوة نبي الإسلام، ويرشدنا إليه قوله سبحانه حاكيا عن المسيح: * (وإذ قال عيسى ابن مريم يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقا لما بين يدي من التوراة ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد) * (2).