" إن الله يكفيناه " فلما اجتمعوا، قال القدري لأبي عبد الله عليه السلام: سل عما شئت؟
فقال له: " اقرأ سورة الحمد ". قال: فقرأها، فلما بلغ قول الله تبارك وتعالى: * (إياك نعبد وإياك نستعين) * فقال جعفر: " قف! من تستعين؟ وما حاجتك إلى المؤونة أن الأمر إليك "، فبهت الرجل (1).
إن القدرية هم أسلاف المعتزلة، وقد تبنت فكرة استغناء الممكن في فعله (لا في ذاته) في عصر خلافة عبد الملك (65 - 86 ه) وكان لها دوي في عصره، وقد أخذتها المعتزلة عنهم وصقلتها وجعلتها من توابع القول بالعدل وغفلت عن أن القول بالحرية إلى حد الاستغناء عن الواجب ينسجم مع التنزيه لكنه يهدم التوحيد الذاتي، فيكون الممكن مثل الواجب في الاستغناء عن غيره في مقام الإيجاد، ولأجل ذلك تضافرت عن أئمة أهل البيت عليهم السلام:
" لا جبر ولا تفويض ولكن أمر بين أمرين " (2).
احتجاج الإمام الرضا عليه السلام مع أبي قرة:
قال أبو قرة للإمام الرضا عليه السلام: إنا روينا أن الله عز وجل قسم الرؤية والكلام بين اثنين، فقسم لموسى عليه السلام الكلام، ولمحمد صلى الله عليه وآله وسلم الرؤية. فقال أبو الحسن عليه السلام:
" فمن المبلغ عن الله عز وجل إلى الثقلين: الجن والإنس * (لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار) * (3) و * (ولا يحيطون به علما) * (4) و * (ليس كمثله شئ) * (5) أليس محمدا صلى الله عليه وآله وسلم؟! " قال: بلى. قال: " فكيف يجئ رجل إلى الخلق