* (يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور) *. (1) وإذا قورن هذا النوع من التشريع الذي ينظر إلى الإنسان بنظرة شمولية وبرأفة ورحمة، دون فرق بين عنصر وآخر، بالتقنين الوضعي السائد في أعصارنا في الشرق والغرب، الناظر إلى الإنسان من منظار القومية أو الطائفية وغيرهما من النزعات المقيتة، لبان أن التشريع الأول تشريع سماوي لا صلة له بتلك النزعات، والآخر تشريع بشري متأثر بنظرات ضيقة تجود لإنسان وتبخل لآخر، وكفى في ذلك فرقا بين التشريعين.
ب. سعة آفاق دلالة القرآن والحديث إن من تمعن في القرآن الكريم وتدبر في معانيه ومفاهيمه، وقف على سعة آفاق دلالته على مقاصده، غير أن ثلة من الفقهاء مروا على القرآن مرورا عابرا مع أنه سبحانه يعرف القرآن بقوله: * (ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شئ وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين) *. (2) وعلى ضوء ذلك لا غنى للفقيه عن دراسة آيات الأحكام دراسة معمقة ثاقبة، ليجد فيها الجواب على أكثر المسائل المطروحة، ولا ينظر إليها بنظرة عابرة.
وقد استدل أئمة أهل البيت عليهم السلام بالقرآن على كثير من الأحكام التي غفل عنها فقهاء عصرهم، ونذكر هنا نموذجا على ذلك:
قدم إلى المتوكل رجل نصراني فجر بامرأة مسلمة، فأراد أن يقيم عليه الحد، فأسلم، فقال يحيى بن أكثم: الإيمان يمحو ما قبله، وقال بعضهم: يضرب ثلاثة حدود. فكتب المتوكل إلى الإمام الهادي عليه السلام يسأله، فلما قرأ الكتاب، كتب: " يضرب حتى يموت ". فأنكر الفقهاء ذلك، فكتب إليه يسأله عن العلة، فكتب: بسم الله