إن القصص الواردة في القرآن الكريم تتضمن احتجاجات الأنبياء وصراعهم الفكري مع الوثنيين والمعاندين من أهل اللجاج، فهي مما يستند إليها المتكلم في آرائه الكلامية. كما تتضمن بحوثا في الإنسان وأفعاله ومسيره ومصيره، وغير ذلك مما جعل القرآن الكريم المنطلق الأول لنشأة علم الكلام في الإسلام.
2 - السنة هي المنطلق الثاني:
إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ناظر المشركين وأهل الكتاب بمرأى ومسمع من المسلمين، وهذه احتجاجاته مع نصارى نجران في العام العاشر من الهجرة، حتى أنه صلى الله عليه وآله وسلم بعدما أفحمهم دعاهم إلى المباهلة، وقد حفل التاريخ وكتب السير والتفسير بما دار بين الرسول وبطارقة نجران وقساوستهم، وقد استدلوا على ألوهية المسيح بقولهم: هل رأيت ولدا من غير ذكر؟ فأفحمهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بإيحاء من الله: إن مثل عيسى في عالم الخلقة كمثل آدم، وقد خلق من غير أب ولا أم، فليس هو أبدع ولا أعجب منه (1).
إن النهي عن كتابة الحديث نجم عنه خسارة فادحة أدت إلى ضياع الكثير من احتجاجات النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومناظراته مع المشركين وأهل الكتاب، فقد ذهبت كذهاب سائر خطبه، ولكن الشيعة اقتداء بالعترة احتفظت بكثير من هذه المناظرات في كتبهم الحديثية، فمن سبرها يرى فيها بحوثا ومناظرات تصلح لأن تكون هي المنطلق في الصدر الأول لأهل الكلام من الشيعة وغيرهم (2).