ومثله سائر البحوث الكلامية التي أوجدت الانشقاق بين علماء المسلمين من حدوث كلامه وقدمه، وخلود مرتكب الكبيرة وعدمه.
ومثل ذلك الاختلاف في الفروع الفقهية من الطهارة إلى الديات، فإنها اختلافات أوجدها البحث والاجتهاد من خلال الاستنباط من الكتاب والسنة، والغاية هي الوصول إلى واقع الكتاب والسنة وإن كان المصيب واحدا والمخطئ متعددا.
فاللازم على المسلمين في هذه اللحظات الحاسمة، التمسك بالعروة الوثقى وبحبل الله المتين والانظواء تحت المشتركات وإرجاع الاختلافات إلى المدارس والمحافل العلمية التي يكثر فيها البحث والجدال، وفي النهاية يخرجون منها إخوة متحابين.
هذا هو الذي يدعو إليه دعاة التقريب، وهو عدم إفناء مذهب في مذهب، بل إلفات أنظار القادة إلى المشتركات المتوفرة بين المذاهب، وترك الاختلافات إلى المدارس ومراكز البحث التي لا يضر الخلاف فيها بالوحدة وجمع الشمل.
2 - التعرف الصحيح على المذاهب إن من عوامل التقريب هو التعرف الصحيح على المذاهب الإسلامية عقيدة وشريعة حيث إن التعرف الموضوعي على عقائد كل طائفة من الطوائف، يصير البعيد قريبا، والعدو صديقا، ويزيل الافتراءات والدعايات الباطلة التي ألصقت بطائفة وأخرى، فعندئذ يصبح المخالف موافقا ويحل الوئام محل الشقاق.
ومثل هذا، مثل من يرى شبحا بعيدا فيظن أنه حيوان ضار، لو اقترب إليه لفتك به، كلما اقترب منه ظهر له بصورة أفضل حتى تبين أنه إنسان، فمواطن، فأخ حميم.