الصحابة والتابعين، وأسماه " التوحيد والصفات " فتجد أن الكاتبين سلكا مسلكين مختلفين أحدهما يعتمد على الكتاب والسنة الصحيحة، والعقل الصريح، وتحليل العقائد والمعارف تحليلا عقليا رائعا، معتمدا على الفكر، وأما الآخر فهو يعج بروايات أكثرها ترجع إلى مستسلمة أهل الكتاب في العصور الأولى ككعب الأحبار، ووهب بن منبه اليماني، وتميم بن أوس الداري، إلى غير هؤلاء ممن تلقوا القصص والحكايات الخرافية من أساتذتهم وبثوها بين المسلمين.
وأنت إذا تفحصت ما انطوى عليه تفسير الطبري، والدر المنثور للشيخ السيوطي، تراها عاجة بروايات منتهية إلى الصحابة والتابعين، وليس فيها شئ يرجع إلى تحليل العقائد والمعارف، وعلى ذلك درج الخلف، فصار التعطيل شعارا لأهل الحديث ومن تبعهم.
تدوين علم الكلام حاجة ملحة فتح المسلمون البلاد المعمورة بإيمانهم وعزيمتهم الراسخة، فاعتنق الإسلام أمم كثيرة كانت لهم حضارات عريقة وديانات مختلفة، فأدى ذلك إلى احتكاك المسلمين بهم، وكانت نتيجته انتقال الفلسفة اليونانية والفارسية إلى العواصم الإسلامية، ونشطت من خلالها حركة الترجمة والتعريب، فترجمت كتب فلسفية كثيرة تحمل طابع الفلسفة اليونانية والرومانية والفارسية في طياتها، وهذه الحركة قد تركت خيرا كثيرا، حيث اطلع المسلمون من خلالها على العلوم الطبيعية والرياضية، والفلكية، وما وراء الطبيعة، وشكل ما ورثوه عن طريق الترجمة فيما بعد النواة الأولى لإرساء قواعد هذه العلوم وإكمالها، حتى تألق نجم العلم في المشرق الإسلامي، وصار مركزا ومحطا يقصده رواد العلم والمعرفة من كل حدب وصوب.
إلا أن تلك الحركة قد تركت آثارا سلبية حيث بذرت شبها كثيرة في حقل