الفصل الأول:
المنهج الصحيح في تفسير المعارف القرآنية يتميز الإنسان عن كل ذي روح وشعور، بقوة التفكير والتعقل، والجوهرة الفريدة التي بها يهتدي في ظلمات الحياة. فتنظيم المقدمات البديهية لغاية الاهتداء إلى حل المجاهيل من خصائصه وميزاته، فلو كرمه ربه، وحمله في البر والبحر وفضله على كثير ممن خلق (1)، فإنما هو بفضل تلك القوة التي لها الرئاسة التامة على سائر القوى الجزئية الكامنة فيه.
إن الإنسان مهما أسف إلى الأمور الدنية، فلا يستطيع إخلاء نفسه عن التعقل والاستدلال حتى أن الطغمة المنكرة للبرهنة، والداعية إلى الاقتصار على الحس والتجربة، تراهم يبرهنون على ذلك بالدليل وبالتالي يبطلون الاستدلال بالاستدلال. وهذا يعرب عن أن التفكير وحل المجهولات في ظل المعلومات من الأمور الفطرية التي لا تنفك عن الإنسان في حياته أبدا وإن تظاهر برفض القيم العقلية، والاقتصار في الحياة العلمية على مجال الحواس.