ذلك العصر الأول: حفظت من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعائين أما أحدهما فبثثته في الناس وأما الآخر فلو بثثته لقطع هذا البلعوم. (محاسن التأويل: 4 / 82).
3 - قال المراغي في تفسير قوله سبحانه: * (من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان) *: ويدخل في التقية مداراة الكفر والظلمة والفسقة، وإلانة الكلام لهم، والتبسم في وجوههم وبذل المال لهم لكف أذاهم وصيانة العرض منهم، ولا يعد هذا من الموالاة المنهي عنها، بل هو مشروع، فقد أخرج الطبراني قوله صلى الله عليه وآله وسلم: " ما وقى المؤمن به عرضه فهو صدقة ". (تفسير المراغي: 3 / 136).
وهكذا يذهب أعلام من المسلمين إلى مشروعية اتقاء المسلم من المسلم إذا خاف على نفسه وحتى ماله من الهلاك والضياع، ولا إثم على المسلم إذا اتقى أخاه المسلم وعامله بالتقية وأخفى عنه معتقده إذا لم يسمح له أخوه المسلم بأن يظهر عقيدته بدافع العصبية والطائفية.
فالذي ينبغي أن يسعى إليه المسلمون وبخاصة المهتمون بشؤونهم هو فتح آفاق الحوار البناء، والسماح للجميع بإظهار عقائدهم، بعيدا عن الإرهاب والإرعاب، والتكفير والتفسيق لتعود الأمة الإسلامية قوة متراصة الصفوف، متكاتفة حتى مع الاختلاف في الاجتهادات، والآراء.
وعلى كل حال نعود لنثمن جهدكم وجهد الكاتب الفاضل هذا.
وفقكم الله وأخذ بأيديكم لما فيه صالح المسلمين.
جعفر السبحاني قم - الجامعة الإسلامية 20 / 4 / 1417 ه 612 ا