ذكرته من حيرتك وحيرة من مضى قبلك إذا ما أخبرتك، أما بعد: فمن لم يؤمن بالقدر خيره وشره وإن الله يعلمه فقد كفر، ومن أحال المعاصي على الله فقد فجر، إن الله لم يطع مكرها، ولم يعص مغلوبا، ولم يهمل العباد سدى من المملكة، بل هو المالك لما ملكهم والقادر على ما عليه أقدرهم، بل أمرهم تخييرا، ونهاهم تحذيرا، فإن ائتمروا بالطاعة لم يجدوا عنها صادا، وإن انتهوا إلى معصية فشاء أن يمن عليهم بأن يحول بينهم وبينها، فعل، وإن لم يفعل فليس هو الذي حملهم عليها جبرا، ولا ألزموها كرها، بل من عليهم بأن بصرهم وعرفهم وحذرهم وأمرهم ونهاهم، لا جبلا لهم على ما أمرهم به فيكونوا كالملائكة، ولا جبرا لهم على ما نهاهم عنه، ولله الحجة البالغة، فلو شاء لهداكم أجمعين، والسلام على من اتبع الهدى " (1).
مكافحة السبطين للتشبيه:
قد كان للأحبار والرهبان دور مهم في بث أحاديث التجسيم بين المسلمين، فكان القول به متفشيا بين أهل الحديث ولكن السبطين كافحاه بخطبهم وكلامهم.
وقد خطب الحسن بن علي عليه السلام وقال: " الحمد لله الذي لم يكن فيه أول معلوم، ولا آخر متناه، ولا قبل مدرك، ولا بعد محدود، فلا تدرك العقول أوهامها، ولا الفكر وخطراتها، ولا الألباب وأذهانها صفته فتقول: متى ولا بدئ مما، ولا ظاهر على ما، ولا باطن فيما " (2).