السبل العملية للتقريب لا شك أن للتقريب مقومات وعناصر يقوم بها، وأن له سبلا وطرقا يتوسل بها للوصول إليه، ولسنا في مقام تبيين مقوماته وعناصره وإن كان أقوم عناصره هو " وجود الإخلاص والإيمان في دعاته، والتضحية بالنفس والنفيس في طريقه " ولكن نشير إلى إحدى الطرق التي لها أثرها الخاص في تقارب الخطى وهي ما يأتي.
إن الإنسان مهما جهل أو تجاهل لا يصح له التجاهل بأن هناك فرقا بين الطائفتين السنة والشيعة، ومهما صفا الجو وتم الإخلاص في دعاة الوحدة وحملة مشعل التوحيد، ففي النفوس لدى كلتا الطائفتين شئ بالنسبة إلى بعض الأصول والأحكام التي تتبناها الطائفتان في مجالي العقيدة والتشريع، وربما نشير إلى رؤوس بعض هذه الأمور من كل مذهب.
ومن السبل العملية تسليط الضوء على هذه الفوارق التي مزقت الأمة وجعلتها متشتتة. وذلك لا لغاية جمع العقول والقلوب على نقطة واحدة وإزالة الاختلاف من رأس وإذابة الطوائف الإسلامية في طائفة خاصة، فإن ذلك من المستحيلات العادية والمنازع فيها مكابر بلا شبهة.
أقول: لا لهذه الغاية بل لغاية أخرى، وهي إيجاد التعارف بين الطائفتين وتقليل التناكر، وبالتالي تتعرف كل طائفة على ما عند الطائفة الأخرى من العقائد والأسس التي تبتني عليها تلك الآراء حتى تكون كل طائفة على ثقة من الأخرى، وأنهم لم يتبنوها اعتباطا وإنما ساقتهم إليها الحجج الشرعية سواء كانوا مصيبين أم مخطئين وأقل ما يترتب على هذا النوع من الدراسات - وراء التعرف على العقائد والمباني - إعذار أصحاب العقيدة وعدم التشدد عليهم وعندئذ تذوب العصبيات، إلى حد كثير ويرتفع سوء الظن، وتحترم كل طائفة عقيدة الطائفة الأخرى ومنهجها إذا لمست منها الجهد والسعي وراء الكتاب والسنة، وإن كانت