2 - التشريع حسب المصالح نعم ثمة ميزة أخرى للتشريع القرآني، وهو أنه مبني على المصالح والمفاسد الواقعية. فلا واجب إلا لمصلحة في فعله، ولا حرام إلا لمصلحة في تركه، قال سبحانه: * (إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون) *. (1) وقال سبحانه:
* (وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر) *. (2) وعلى هذا الأساس فقد عقد فقهاء الشيعة بابا خاصا باسم تزاحم الأحكام في ملاكاتها حيث يقدم الأهم على المهم، ويتوصل في تمييزهما بالقرائن المفيدة للاطمئنان.
3 - النظر إلى المادة والروح على حد سواء آلف القرآن بتعاليمه القيمة بينهما مؤالفة تفي بحق كل منهما حيث يفسح للإنسان أن يأخذ قسطه من كل منهما بقدر ما يصلحه.
لقد غالت المسيحية (الغابرة) بالاهتمام بالجانب الروحي من الإنسان حتى كادت أن تجعل كل مظهر من مظاهر الحياة المادية خطيئة كبرى، فدعت إلى الرهبانية والتعزب، وترك ملاذ الحياة، والانعزال عن المجتمع، والعيش في الأديرة وقلل الجبال والتسامح مع المعتدين.
كما غالت اليهودية في الانكباب على المادة حتى نسيت كل قيمة روحية، وجعلت الحصول على المادة بأي وسيلة كانت، المقصد الأسنى، ودعت إلى القومية الغاشمة.