اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين) * (1).
وليس هذا الاصطفاء والتطهير بالإرادة التشريعية، فإن مريم وغيرها أمام هذه الإرادة سواسية، بل هناك إرادة خاصة تعلقت بمريم دون غيرها فطهرتها من الذنوب وحصنتها من اقتراف المعاصي.
وسيوافيك أن تعلق الإرادة التكوينية بالطهارة من الذنب لا ينافي الاختيار على الاستجابة والرفض، والثواب والعقاب، والفعل والترك.
* * * الثاني: ما هو المراد من الرجس؟
هذا هو الأمر الثاني الذي يجب الإمعان فيه حتى يكون الدليل منتجا لا عقيما وقد غفل الأستاذ عن تبيين تلك الناحية في كلامه فنقول: إن الرجس استعمل في الذكر الحكيم، في الخمر والميسر والأنصاب والأزلام (2) كما استعمل في الميتة والدم ولحم الخنزير (3) وفي الأوثان (4) وفي المنافقين (5) و في المشركين (6) وفي غير المؤمنين (7) إلى غير ذلك من موارد استعماله في الكتاب والسنة النبوية واللغة العربية، فينتقل الإنسان من مجموع هذه الموارد إلى أن الرجس عبارة عن كل قذارة ظاهرية كالدم ولحم الخنزير، أو باطنية وروحية كالشرك والنفاق وفقد الإيمان. وبالجملة مساوئ الأخلاق، والصفات السيئة والأفعال القبيحة التي يجمعها الكفر والنفاق والعصيان.
فالمنفي في الآية المبحوثة عنها هو هذا النوع من الرجس، فهو بتمام معنى