الفصل الثاني علم الكلام وعوامل نشأته إن علم الكلام كسائر العلوم الإنسانية، ظاهرة علمية نشأت بين المسلمين في ظل أسباب سيوافيك بيانها، ولا يقتصر هذا العلم على المسلمين فحسب بل كانت للا مم السابقة مذاهب كلامية ومدارس دينية يبحث فيها عن اللاهوت والناسوت، وقد ألف غير واحد من علماء اليهود والنصارى كتبا كلامية يرجع تاريخها إلى القرنين الخامس والسادس. وأما عوامل نشأته بين المسلمين فتتلخص في عامل داخلي وآخر خارجي، وإليك البيان:
1 - القرآن هو المنطلق الأول لنشوء علم الكلام:
إن القرآن المجيد هو المنطلق الأول لنشوء علم الكلام ونضجه وارتقائه عند المسلمين، وإليه يرجع كل متكلم إسلامي باحث عن المبدأ وأسمائه وصفاته وأفعاله، وقد تضمن القرآن إشارات فلسفية وعقلية قامت على أسس منطقية مذكورة في نفس الآيات أو معلومة من القرائن. فمن سبر القرآن الكريم فيما يرجع إلى التوحيد بأنواعه يجد الحجج الملزمة، والبينات المسلمة التي لا تدع لباحث الشك فيها. كما أنه أرفق الدعوة إلى المعاد والحياة الأخروية بالبراهين المشرقة، والدلائل الواضحة التي لا تقبل الخدش.