إلى النزعة الأموية، واستئثار الأموال أبغضوه، وأما علي عليه السلام فقد كانوا مصدقيه إلى قضية التحكيم، فلما فرض عليه التحكيم وقبل هو ذلك المخطط عن ضرورة واضطرار، خالفوه ووصفوه باقتراف الكبيرة، - فعند ذاك - نجمت مسألة كلامية وهي ما هو حكم مرتكب الكبيرة؟ وقد استفحل أمرها أيام محاربة الخوارج مع الأمويين الذين كانوا معروفين بالفسق والفجور، وسفك الدماء وغصب الأموال، فكان الخوارج يحاربونهم بحجة أنهم كفرة لا حرمة لدمائهم ولا أعراضهم ولا نفوسهم لاقترافهم الكبائر.
وعلى أي تقدير ففي المسألة أقوال:
ألف. مرتكب الكبيرة كافر.
ب. مرتكب الكبيرة فاسق منافق.
ج. مرتكب الكبيرة مؤمن فاسق.
د. مرتكب الكبيرة لا مؤمن ولا فاسق بل منزلة بين المنزلتين.
فالأول خيرة الخوارج، والثاني مختار الحسن البصري، والثالث مختار الإمامية والأشاعرة، والرابع نظرية المعتزلة.
3 - تحديد مفهوم الإيمان:
وقد انبثق من هذا النزاع، نزاع كلامي آخر وهو: تحديد مفهوم الإيمان، وإن العمل داخل في حقيقة الإيمان أو لا؟ فعلى قول الخوارج والمعتزلة، فالعمل مقوم للإيمان، بخلافه على القول الآخر، وقد صارت تلك المسألة ذات أهمية في الأوساط الإسلامية وانتهت إلى مسألة أخرى، وهي زيادة الإيمان ونقصه بصالح الأعمال وعدمها.