كمثلك شئ إلهي ولم يدركوك، وظاهر ما بهم من نعمة دليلهم عليك لو عرفوك، وفي خلقك يا إلهي مندوحة عن أن يناولوك، بل سووك بخلقك، فمن ثم لم يعرفوك واتخذوا بعض آياتك ربا، فبذلك وصفوك، فتعاليت يا إلهي عما به المشبهون نعتوك " (1).
وقد ضاق المجال على الإمام، وكانت السلطة لا تسمح له بالكلام والخطابة، فتفرغ إلى العبادة ومناجاة ربه، وخلف أدعية ضمت في طياتها، بحرا من المعرفة ودقايق العرفان.
هذا دور أئمة الشيعة الأربعة في القرن الأول وقد تربى في مدرستهم رجال ذبوا عن حياض العقيدة، بكل ما يملكون من حول وقوة، وإليك أسماء بعضهم:
1 - سلمان الفارسي:
وله مشاهد ومواقف جليلة لا سيما بعد انتزاع الخلافة من أهل بيت النبي الأكرم، وقد خطب بعد رحلة النبي صلى الله عليه وآله وسلم خطبة مطولة قال فيها:
ألا إن لكم منايا تتبعها بلايا، فإن عند علي علم المنايا وعلم الوصايا وفصل الخطاب على منهاج هارون بن عمران، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: " أنت وصيي وخليفتي في أهلي بمنزلة هارون من موسى "، ولكنكم أصبتم سنة الأولين، وأخطأتم سبيلكم، والذي نفس سلمان بيده لتركبن طبقا عن طبق سنة بني إسرائيل، القذة بالقذة، أما والله لو وليتموهما عليا لأكلتم من فوقكم ومن تحت أرجلكم فأبشروا بالبلاء، واقنطوا من الرخاء، ونابذتكم على سواء وانقطعت العصمة فيما بيني وبينكم من الولاء... (2).