3 - خطب الإمام علي عليه السلام هي المنطلق الثالث:
إن خطب الإمام ورسائله وكلمه القصار، التي حفظها التاريخ عن العصف والضياع لأوضح دليل على أن الإمام كان هو المؤسس للا صول الكلامية خصوصا فيما يرجع إلى التوحيد والعدل، وبين يديك نهج البلاغة الذي جمعه الشريف الرضي مما وصل إليه من خطبه، تجد فيه من الأصول الكلامية ما لا تجده في غيره، وإلى ذلك يشير السيد المرتضى في أماليه فيقول: " اعلم أن أصول التوحيد والعدل مأخوذة من كلام أمير المؤمنين - صلوات الله عليه - وخطبه، فإنها تتضمن من ذلك ما لا زيادة عليه ولا غاية وراءه. ومن تأمل المأثور في ذلك من كلامه، علم أن جميع ما أسهب المتكلمون من بعد في تصنيفه وجمعه إنما هو تفصيل لتلك الجمل وشرح لتلك الأصول، وروي عن الأئمة من أبنائه عليهم السلام في ذلك ما لا يكاد يحاط به كثرة، ومن أحب الوقوف عليه فطلبه من مظانه أصاب منه الكثير الغزير الذي في بعضه شفاء للصدور السقيمة ولقاح للعقول العقيمة " (1).
وقال ابن أبي الحديد: " إن أشرف العلوم هو العلم الإلهي، لأن شرف العلم بشرف المعلوم، ومعلومه أشرف الموجودات، فكان هو أشرف، ومن كلامه عليه السلام اقتبس، وعنه نقل، ومنه ابتدئ وإليه انتهي، فإن المعتزلة - الذين هم أصل التوحيد والعدل وأرباب النظر ومنهم من تعلم الناس هذا الفن - تلامذته وأصحابه، لأن كبيرهم واصل بن عطاء تلميذ أبي هاشم عبد الله بن محمد بن الحنفية وأبو هاشم تلميذ أبيه وأبوه تلميذه، وأما الأشعرية فإنهم ينتمون إلى أبي الحسن علي بن إسماعيل بن أبي بشر الأشعري وهو تلميذ أبي علي الجبائي، وأبو علي أحد مشايخ