تقدم العلوم والحضارة أتاح للبشر أن يستخدم الدم في منافع محللة لم يكن لها نظير من قبل، فعادت المعاملة بالدم في هذه الأعصار معاملة صحيحة لا بأس بها، وليس هذا من قبيل نسخ الحكم، بل من باب تبدل الحكم بتبدل موضوعه كانقلاب الخمر خلا.
فالإسلام حرم أكل المال بالباطل، فما دام بيع الدم مصداقا لتلك الآية كان محكوما بالحرمة، فلما أتيح للبشر أن يستفيد منه في علاج المرضى خرج عن كونه مصداقا للآية، وهذا هو الذي عبرنا عنه في عنوان البحث بأن الإسلام ينظر إلى المعاني لا إلى القشور.
5 - المرونة في التشريع إن من ملامح التشريع القرآني مرونته وقابليته للانطباق على جميع الحضارات الإنسانية، وما ذلك إلا لأنه جاء بتشريعات خاصة لها دور التحديد والرقابة على سائر تشريعاته، وهذا التشريع أعطى للدين مرونة ومنعطفا جديدا قال سبحانه: * (وما جعل عليكم في الدين من حرج) *. (1) وقال: * (ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون) *. (2) وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: " لا ضرر ولا ضرار ". (3) فحدد كل تشريع بعدم استلزامه الضرر والضرار، فأوجب التيمم مكان الوضوء إذا كان استعمال الماء مضرا، كما أوجب الإفطار على المريض والمسافر