1 - لا جبر ولا تفويض:
طرحت مسألة الجبر والتفويض في أواسط القرن الأول بين المسلمين فصاروا إلى أقوال وأوجدت فجوة سحيقة بين المسلمين ولم تزل آثارها إلى يومنا هذا.
فمن قائل بالجبر وإنه سبحانه هو الخالق لفعل الإنسان والموجد له وليس للإنسان أي دور في أفعاله وأعماله، وإنما هو ظرف لظهور إرادته سبحانه في أعماله وأفعاله.
وإنما ذهب القائل إلى هذا القول لأجل أنه فسر التوحيد بالخالقية بالمعنى الباطل وزعم أن معناه سلب الأثر عن العلل والعوامل الطبيعية، وعند ذاك يتجلى الإنسان في مجال الأفعال كالظرف ليس له دور ولا تأثير في أفعاله وأعماله.
ولا شك أن تفسير التوحيد بالخالقية بهذا المعنى باطل، لما عرفت من تصريح الذكر الحكيم بدور العلل الطبيعية في نمو الأزهار والأشجار - مضافا إلى أن القول بالجبر ينافي عدله سبحانه - فكيف يكون هو الخالق لعمل الإنسان ولا يكون له دور فيه، لكن هو المسؤول عن العمل؟!
إن للقول بالجبر سببا آخر وهو تفسير القضاء والقدر - الذي لا غبار في صحتهما - بالمعنى السالب للاختيار عن الإنسان، وسيوافيك أن القضاء والقدر حق ولكنهما لا يسلبان الاختيار عن الإنسان.
فهذا وذاك صارا سببين لنشوء القول بالجبر بين كثير من المسلمين حيث صيرهم مكتوفي الأيدي أمام الحوادث والطوارئ.
فكما أن الجبر يخالف عدله سبحانه فكذلك التفويض ينافي توحيده، لأن