جاء القرآن يدعو الإنسان إلى التفكير والاستدلال المنطقي، ويصده عن تقليد الآباء ويحرر عقله عن الأغلال التي خلفتها له الأجيال الغابرة حتى يكون على بصيرة في حياته وأمر دينه وأخراه، ونسمع هتافه وصراخه ودويه في آيات كثيرة نقتصر منها على ما يلي:
قال سبحانه: * (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن) * (1).
وقال عز وجل: * (والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون) * (2)، فإذا كان الشكر هو صرف النعمة في موضعها، فشكر السمع والبصر هو إدراك المسموعات والمبصرات بهما. وشكر الفؤاد، درك المعقولات غير المشهودة الخارجة عن إطار الحس به، فمن فتح عينه على الكون الفسيح وتدبر أسراره ودقائقه فقد شكره، ومن أقفل عقله وفؤاده، فقد كفر بنعمته. فلوح نفس كل إنسان يوم خلقت، خال عن كل علم وإدراك، ثم تنتقش فيها الأشياء والمعلومات شيئا فشيئا عن طريق الحس والعقل.
وقال سبحانه حاكيا عن المشركين: * (إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون * قل أو لو جئتكم بأهدى مما وجدتم عليه آباءكم قالوا إنا بما أرسلتم به كافرون) *. (3) وهذا ديدنه في غير واحد من الآيات، اكتفينا بما ذكر، روما للاختصار.