" إن الشيعة هم ورثة المعتزلة، ولا بد أن تكون قلة اعتداد المعتزلة بالأخبار المأثورة مما لائم أغراض الشيعة، ولم يكن للشيعة في القرن الرابع (300 - 400) مذهب كلامي خاص بهم، فتجد مثلا أن عضد الدولة (المتوفى 372 ه) وهو من الأمراء المتشيعين يعمل على حسب مذهب المعتزلة، ولم يكن هناك مذهب شيعي للفاطميين، ويصرح المقدسي بأنهم يوافقون المعتزلة في أكثر الأصول، وعلى العكس من هذا نجد الشيعة الزيدية يرتقون بسند مذهب المعتزلة حتى ينتهي إلى علي بن أبي طالب " رضي الله عنه "، ويقولون: إن واصلا أخذ عن محمد بن علي ابن أبي طالب، وأن محمدا أخذ عن أبيه، والزيدية، يوافقون المعتزلة في أصولهم إلا في مسألة الإمامة، ويدل على العلاقة الوثيقة بين المعتزلة والشيعة أن الخليفة القادر جمع بينهما حينما نهى في عام (408) عن الكلام والمناظرة في الاعتزال والرفض (مذهب الشيعة)، والمقالات المخالفة للإسلام. ثم إن الطريقة التي سار عليها ابن بابويه القمي أكبر علماء الشيعة في القرن الرابع الهجري في كتابه المسمى بكتاب " العلل " تذكرنا بطريقة علماء المعتزلة الذين يبحثون عن علل كل شئ. (1) إن في كلام الأستاذ موارد للتأمل والنقاش:
1 - اتهام الشيعة بقلة الاعتداد بالأخبار المأثورة كقلة اعتداد المعتزلة بها.
يلاحظ عليه: أن الشيعة أول من اهتم بتدوين الحديث ودراسته ونقله حينما كانت كتابة الحديث ممنوعة ونقلها أمرا مكروها يعرف ذلك من درس تاريخ الحديث عند الشيعة، ولهم في كل قرن من القرون الأربعة - التي يكتب هو عن القرن الأخير منها - محدثون كبار، منهم: الشيخ الصدوق الذي وقف على كتابه