المسلمين، قال سبحانه: * (إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شئ) *. (1) والإجابة عن هذه الشبه واضحة، أما الآية الأولى فإن الإنسان مهما بلغ من العلم فعلمه بالنسبة إلى الأسرار الكامنة في صحيفة الكون والوجود، ضئيل جدا، فأين عقله المحدود من العالم اللا محدود؟ فإن نسبة ما يعلمه إلى ما لا يعلمه كنسبة الذرة إلى المجرة، فهو لم يعرج من سلم العلم والمعرفة إلا درجات معدودة لا يعتد بها.
وأما الآية الناهية عن اتباع المتشابه: فهي على عكس المقصود أدل، فإن الأخذ بحرفية الظواهر فيما يرجع إلى الله سبحانه وصفاته وأفعاله اتباع للمتشابه وإن لم يكن ابتغاء للفتنة، بخلاف ما إذا قلنا بجواز الخوض فإن الواجب عندئذ هو إرجاع المتشابهات إلى المحكمات وتفسيرها بها، لأنها أم الكتاب كما قال سبحانه: * (هن أم الكتاب) *.
وأما الدليل الثاني، أعني كون البحث عن المعارف القرآنية مورثا للشقاق فهو تجاهل بقيمة ذلك العلم، فإن الذي يورث الشقاق هي العوامل النفسية الكامنة في ذات المجادل التي تصده عن اتباع الحق فيلقي أشواكا في طريق الحقيقة. ولو سلمت نفسه عن الأهواء لحسم الخلاف وانعدم الشقاق.
إن الجدال إذا انتهى إلى المراء في الدين، يحرم بلا إشكال، ولكن إذا كانت المجادلة على أساس علمي، ودافع موضوعي، وقصد منها كشف المجاهيل في ظل تلاقي الأفكار، فليس بحرام قطعا، وعليها بنيت الحضارة العلمية فإنه من قبيل دراسة العلم ومذاكرته التي أمر بها الإسلام.
إن الله سبحانه، أمر نبيه بالمجادلة بالتي هي أحسن، وقال: * (وجادلهم بالتي