وثالثا: يعارضها الأخبار الكثيرة الدالة على أن نسيان القراءة، وذكر الركوع. ونسيان الجهر والاخفات، لا يوجب سجدتي السهو. لأن في الجميع نفي وجوب شئ على الناسي. وفي بعضها قال عليه السلام: " تمت صلاته " فراجع الأخبار الواردة في القراءة. فإن الفقيه يشرف على القطع بأن نسيانها. ونسيان الجهر والاخفات فيها، لا يوجب شيئا. هذا مضافا إلى أنه لم يعمل بمضمونها إلا من في طبقة العلامة وبعده. والعجب أن الشهيد - رحمه الله - مع أنه قال في الدروس: لم أظفر بقائله ولا بمأخذه (1) أفتى بمضمون الرواية في اللمعة (2).
ثم بناء على تقديم الأخبار الدالة على أن نسيان ما عدا الأركان لا يوجب شيئا. لا يمكن الفتوى باستحبابهما لكل زيادة أو نقيصة سهوية، إلا أن تحمل على نفي وجوب شئ ولزومه، لا على نفي مشروعية شئ.
وبالجملة: الانصاف أن المسألة مشكلة بحسب الأدلة فالفتوى بوجوبهما لكل زيادة ونقيصة إذا وقعتها سهوا مشكلة جدا. والأصل العملي نفي الوجوب.
والتمسك بوجوبهما لهما برواية القصاب: " أسهو في الصلاة وأنا خلف الإمام. فقال عليه السلام: إذا سلم فاسجد سجدتين، ولا تهب " (3) في غير محله. فإن الإمام عليه السلام وإن لم يستفصل بين الموارد التي نقول بجوابهما للسهو فيها وغيرها، وترك الاستفصال يوجب العموم في المقام. إلا أن هذه الرواية ناظرة إلى حيث كون الساهي خلف الإمام، وأن الاقتداء هل يوجب ضمان الإمام عن سهو المأموم أم لا. فالإمام عليه السلام بصدد بيان أن ما عليه العامة من أن الإمام ضامن لسهو من خلفه غير تام. بل ليس هو ضامنا إلا القراءة.