شك فيها ولا في احتياطه، فإن الاحتياط بناء على الاستقلالية وإن كان يجب فورا، إلا أن كل واجب فوري لا يمكن أن يزاحم الواجب الموقت المضيق بل يقدم صاحب الوقت لا محالة. وأما بناء على الجزئية، فالخلل الحاصل ليس إلا فوات الموالاة بين الأجزاء، وهي ليست ركنا كما تقدم.
وأما إن شرع في صلاة لم يتضيق وقتها، فإن شرع فيها عمدا بطلت مطلقا سواء كانت مترتبة أو غير مترتبة. وسواء قلنا بالجزئية أو قلنا بالاستقلالية، فإن القائل بالاستقلالية أيضا يقول: بحرمة فعل المنافي بين الصلاة وبين الاحتياط، غايته أنه حرمة تكليفية صرفة لا تستتبع وضعا. والصلاة التي دخل فيها قبل الاحتياط تكون مصداقا للمنافي فتحرم. فتبطل، وليس حرمتها من جهة وجوب فعل الاحتياط فورا حتى يقال: إن ذلك مبني على اقتضاء الأمر للنهي عن الضد، بل حرمتها من جهة حرمة النافي.
فلا ينبغي الاشكال في بطلان الصلاة التي دخل بها قبل فعل الاحتياط عمدا، وأما بطلان الصلاة التي شك فيها فمبني على الاستقلالية والجزئية، فإن قلنا بالاستقلالية لم تبطل، وإن قلنا بالجزئية تبطل أيضا لتفويته الموالاة عمدا بلا أمر من الشارع.
وأما إن شرع في الثانية سهوا. فإن لم يكن مترتبة على الأولى فلا إشكال في صحة الثانية وكذا الأولى مطلقا [سواء] قلنا بالجزئية أو الاستقلالية، غايته أنه بناء على الاستقلالية، غايته أنه بناء على الاستقلالية يجب إتمام الثانية ثم الاحتياط، لأن فعل الاحتياط قبل إتمام الثانية يوجب فوات الموالاة بين أجزاء الثانية بلا موجب. وأما بناء على الجزئية ففي وجوب إتمام الثانية ثم الاحتياط أو وجوب الاحتياط ثم إتمام الثانية أو التخيير وجوه، تقدمت الإشارة إليها في بعض المباحث السابقة، وتقدم أن المختار هو إتمام ما بيده، ثم إتمام الأولى لأن تفويت الموالاة عما بيده.