بين المسلمين في أن الوطء في الموضع المكروه من ذكر أو أنثى يجري مجرى القبل مع الإيقاب وغيبوبة الحشفة في وجوب الغسل على الفاعل والمفعول وإن لم يكن إنزال، ولا وجدت في الكتب المصنفة لأصحابنا رحمهم الله إلا ذلك، ولا سمعت ممن عاصرني من الشيوخ نحوا من الستين يفتي إلا بذلك، فهذا إجماع من الكل.
ولو شئت أن أقول: إنه معلوم بالضرورة من دين الرسول صلى الله عليه وآله، إنه لا فرق بين الفرجين في هذا الحكم، فإن داود وإن خالف في أن الوطء ء في القبل إذا لم يكن معه إنزال لا يوجب الغسل، فإنه لا يفرق بين الفرجين كما لا يفرق باقي الأمة بينهما في وجوب الغسل بالإيلاج في كل واحد منهما.
واتصل لي في هذه الأزمان من بعض الشيعة الإمامية أن الوطء ء في الدبر لا يوجب الغسل، تعويلا على أن الأصل عدم الوجوب، أو على خبر يذكر أنه في منتخبات سعد (١) أو غيرها، وهذا مما لا يلتفت إليه، أما الأصل فباطل، لأن الإجماع والقرآن وهو قوله تعالى: ﴿أو لامستم النساء﴾ (2) يزيل حكمه، وأما الخبر فلا يعتمد عليه في معارضة الإجماع والقرآن، مع أنه لم يفت به فقيه ولم يعتمده عالم، مع أن الأخبار تدل على ما أوردناه، لأن كل خبر يتضمن تعليق الغسل على الجماع والإيلاج في الفرج فإنه يدل على ما ادعيناه، لأن الفرج يتناول القبل والدبر، لأنه لا خلاف بين أهل اللغة وأهل الشرع (3)، انتهى.