ويرشد إليه قول زرارة وبكير في الصحيحة الحاكية لوضوء رسول الله صلى الله عليه وآله: " قلنا له: أصلحك الله، فالغرفة الواحدة تجزي للوجه وغرفة للذراع؟ قال: نعم، إذا بالغت فيها، والثنتان تأتيان على ذلك كله " (1).
وأما قوله عليه السلام: " إن الفضل في واحدة " (2)، فيحتمل أن يراد الواحدة الزائدة على الفرض بقرينة قوله: " ومن زاد على اثنتين لم يؤجر " (3)، إذ لو انحصر الفضل في الواحدة المفروضة، كان غير المأجور من زاد على الواحدة، لا الثنتين (4)، بل كان من زاد على الواحدة مأزورا، لأن المفروض عدم استحباب الزائد، فيكون فعله - على أنه من أفعال الوضوء - تشريعا محرما، ولذا استدل بذلك في المعتبر (5) على كون الثالثة بدعة، بل يبطل المسح بمائه على ما اخترناه سابقا.
ومن هنا صح نسبة القول بالتحريم إلى كل من أنكر الاستحباب، كما يظهر من الحلي، حيث قال في السرائر - بعد دعوى الإجماع على الاستحباب -: ولا يعتد بخلاف من خالف الأصحاب بأنه لا يجوز الثانية (6)، إلا أن الظاهر من ثقة الإسلام خلاف ذلك، حيث قال - بعد ذكر الرواية