نذر مستحبا مستقلا في عبادة، لا يوجب حنثه إلا الكفارة، ولم يتعلق نذره بالفرد المستحب من العبادة، حتى يمكن أن يدعى أن المستحب الغيري صار بالنذر واجبا غيريا، فيقدح الإخلال به في صحة الوضوء، مع أنه لو فرض صيرورته واجبا غيريا بالنذر، كما لو صرح بنذر الوضوء المتصف بالتوالي لم يلزم من بطلان هذا الوضوء المقيد بالموالاة - بمعنى عدم مطابقته للمأمور به بالأمر النذري - بطلان الوضوء بمعنى مخالفته للمأمور به بالأمر الأصلي المتعلق بالوضوء، لأن الأمر الأصلي والأمر النذري ليسا من قبيل المطلق والمقيد.
والظاهر أنه لا فرق بين أن يقصد بفعله الإتيان بالمنذور أو لا يقصد، مع تعين الموالاة عليه في ذلك الوضوء أو في ذلك الوقت، ولنذكر بعض كلمات الأصحاب التي هي بين ترجيح الصحة، والتردد، وترجيح بطلانه، وتفصيل بين نذر الموالاة ونذر الوضوء الموالي فيه:
قال في القواعد: لو نذر الوضوء مواليا فأخل بها فالأقرب الصحة والكفارة (1)، انتهى.
وفي الإيضاح احتمل صحة الوضوء، لأن المنذور يشترط فيه ما يشترط في الواجب، والموالاة ليست شرطا في صحة الواجب بل واجبة فيه، فيصح الوضوء، قال: ويحتمل عدم الصحة، لأن الصفة المشترطة في النذر لم تحصل، فيبطل، لأن فائدة الشرط ذلك، ولأنه لم يأت بالمنذور وقد نواه، فيبطل، فإن قلنا بالبطلان والوقت باق أعاد ولا كفارة، وإن قلنا بالصحة وجب الكفارة، وإن خرج الوقت وجب الكفارة سواء قلنا بالبطلان