تمتمة فالسلام على الرضى عند المرور من باب مشهده ليس فيه عبادة له بل تعظيم لمن هو أهل للتعظيم حيا وميتا. ورؤساء الدين لم يفعلوا بأذهان البسطاء ولا غير البسطاء إلا ما امرهم به الدين من الوعظ والإرشاد ونشر فضائل أهل البيت وذكر مصائبهم ابتغاء لمرضاة الله تعالى وقد خلقنا لعمل ولقضاء جزء من الوقت نذكر فيه الله تعالى ونبكي من خشيته ونعول ونسمع فضائل أهل بيت نبينا ونبكي لما أصابهم من طواغيت زمانهم مما ثبت وصح وأنزل الله به سلطانا ولم نخلق للهو والمرح والسينما وسماع المغنات والعوادين والعوادات مما يبعد عن الله تعالى ويلهي عن طاعته ما خلقت الجن والأنس إلا ليعبدون والتأخر المعيب والتدهور الذي يعطي الأجنبي عن البلاد أسوأ الفكر هو تركنا ما أمر الله تعالى به بقوله وأعدوا لهم ما استطعتم واشتغالنا باللهو واللعب والتأنق في الطعام وتحسين الهندام لا نذكر الآخرة والبكاء من خشية الله.
قال: وفي وسط أحد الأفنية مصلى يسمونها كذا جوهر شاة وكانت كذا بيتا لسيدة اسمها جوهر فلما أراد الشاه إقامة المسجد رفضت أن تبيعه إياه فتركه لها وأقام مسجده حوله وبعد إتمامه أقامت هي في مكان منزلها مصلى ولذلك سميت جوهر شاة.
وأقول: لم يكتف هنا بالأغلاط التاريخية حتى أضاف إليها أغلاطا نحوية. هناك مسجدان أحدهما اسمه مسجد گوهرشاد لا جوهر شاة وهو منسوب إلى زوجة شاهرخ ابن تيمورلنك وكان اسمها گوهرشاد وهو مسجد معظم له أوقاف جمة لها إدارة خاصة غير إدارة أوقاف الرضى وله منارتان غاية في الطول والإتقان والآخر مسجد صغير أسمه مسجد العجوز يقولون إنه كان بيتا لعجوز فلما أرادوا بناء الحرم وطلبوا منها بيعة فابت وجعلته مسجدا. ومن ذلك تعلم أنه كما لم يحقق الأمور التاريخية لم يحقق الأمور الدينية.
قال ص 160: وهم يمقتون السنيين مقتهم الكفار وكلما شرب أحدهم قال لعن الله عمر ابن سعد وبني أمية عصبية عمياء وإيمان في غير تفكير ولا تعقل.
وأقول: إن كانوا يمقتون السنيين مقتهم للكفار فالسنيون يمقتونهم أكثر من مقتهم للكفار وهو وأمثاله بكتاباتهم هذه يزيدون في إشعال النار ولا يخشون من غضب الجبار حتى وصل المسلمون إلى ما هم فيه من العداء والنفار والهلاك والدمار وإذا كانوا عند شرب الماء يلعنون بني أمية وعمر بن سعد الذين منعوا الحسين شرب الماء فليس في ذلك كبير أثم.
والعصبية العمياء عد ذلك عصبية عمياء والقوم آمنوا بالله وبرسوله وبكل ما جاء به من عند ربه ووالوا أهل بيت نبيهم أحد الثقلين الذين لا يضل المتمسك بهما أبدا عن تفكير وتعقل يعلم ذلك كل من عنده أدنى تفكير وتعقل ثم عاد إلى ذكر المتعة وعقدها ثم قال: والأمراض السرية كذا لا يكاد يخلو منها أحد وجل موتى الغرباء بسبب الزهري. وقد حاولت الحكومة جعل البغاء رسميا لتخفف من ويلات تلك الإباحة فلم يقبل علماء الدين ذلك.
وأقول: كون الأمراض السارية لا يكاد يخلو منها أحد ليس بصحيح ككون جل موتى الغرباء بسبب الزهري وإن صح ذلك فلا يزيد عما في بلده مما يحدث من البغاء الرسمي الذي عاب علماء الدين في إيران على منعه وإذا كان علماء الدين لم يقبلوا جعل البغاء رسميا فلهم الفخر بذلك. وعد ما أحله الشرع إباحة من أقبح الوقاحة.
قال ص 161: وبعد صلاة الغروب اخذ العلماء يقصون على الناس نبا فاجعة علي والحسين والجماهير حولهم عرايا الصدور يضربونها بأكفهم تارة وبسلاسل ثقلية تارة أخرى وفق نغمات موحدة في شكل بشع مرعب.
وهكذا تتحكم الشعوذة في قلوب القوم تحكما معيبا.
وأقول: قد ذكرنا فيما مر أن هؤلاء الوعاظ يعظون الناس ويرشدونهم وينشرون فضائل أهل البيت ويذكرون مصائبهم للملأ. وأما ضرب الصدور بالأكف أو السلاسل فمن فعل الجهال ولا يزيد عما يفعله مشايخ الطرق من ضرب الشيش ونقر الدفوف والتمايل يمينا وشمالا وفق نغمات موحدة في شكل بشع يشبه أصوات بعض الحيوانات، مرعب أو مطرب وهكذا تتحكم هذه الشعوذة وغيرها من أمثالها في قلوب القوم تحكما معيبا.
ثم تعرض لقبر الرشيد واحتقار القوم له ولعنهم إياه وقال إن ذلك لأنه سني أولا ولأنه والد المأمون الذي أتهم بسم الإمام ثانيا.
وأقول: قد أخطأ في قوله إنهم يبغضون الرشيد لأنه سني فالرشيد كان أقرب إلى التشيع بمعرفته حق الإمام الكاظم ومنزلته في الدين والعلم ولذلك قال ولده المأمون في بعض أخباره أ تدرون من علمني التشيع قالوا لا قال علمنيه الرشيد. ومن يبغضه إنما يبغضه لظلمه الطالبيين وقتلهم ظلما ولحبسه الإمام الكاظم وقتله بالسم ظلما مع معرفته بحقه. وفي قوله يبغضونه لكونه والد المأمون فمتى كان الوالد يؤخذ بجرم الولد فما هذا إلا سخف.
قال: وقد سافر الرشيد إلى هناك في حملة ضد أحد الحكام الذين مالئوا بني أمية فوافته منيته هناك فاوصى بان يدفن في هذا المكان الذي أقام عليه الإسكندر المقدوني علما وتنبأ بأنه سيكون مدفن رجل عظيم.
وأقول: هذه هي المعرفة بالتاريخ. أحد الحكام مالأ بني أمية وأين كان بنو أمية يمالئهم أحد الحكام وأي مؤرخ ذكر ذلك وإنما سافر الرشيد لقتال رجل خرج عليه وكون الإسكندر المقدوني أقام علما على ذلك المكان وتنبأ بما تنبأ لعله من هذا النمط.
قال: ولما جاء المأمون ولى الرضى حاكما على تلك البلاد من قبله ولما عاد إلى بغداد وهزم أخاه الأمين وتم له الأمر دس للرضي فمات ودفن إلى جوار الرشيد.
وأقول: بخ بخ لعلم التاريخ فقد جاء هذا الرجل في هذا العصر يغير بديهيات التاريخ فيما لا يجهله أقل الطلاب. المأمون لم يول الرضى حاكما على تلك البلاد ولا غيرها وإنما استدعاه إلى مرو وجعله ولي عهده وذلك بعد قتل أخيه الأمين واستتباب الأمر له فلما فعل ذلك اضطربت عليه بغداد وبايع العباسيون عمه إبراهيم المغني فاضطر المأمون لمغادرة مرو إلى بغداد ومعه الرضى فلما وصل طوس توفي الرضى ودفن بجنب قبر الرشيد وعوده إلى بغداد وتمام الأمر له كان بعد أن هزم طاهر بن الحسين الأمين وقتله لا قبله كما مر فمن يجهل هذا وأمثاله مما مر كيف يركن إلى شئ من أقواله ولا سيما فيما يتعلق بالعقائد التي تعتورها العصبيات والأهواء.