صام وإن شاء أفطر، وصوم النذر واجب، وصوم الاعتكاف واجب.
قال قلت: فسرهن يا ابن رسول الله. قال: أما الواجب فصوم شهر رمضان وصيام شهرين متتابعين يعني في قتل الخطا لمن لم يجد العتق قال تعالى ومن قتل مؤمنا خطا الآية وصيام ثلاثة أيام في كفارة اليمين، لمن لم يجد إلا طعام قال الله عز وجل ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم وصيام حلق الرأس قال الله تعالى فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه الآية صاحبه بالخيار إن شاء صام ثلاثا وصوم دم المتعة، لمن لم يجد الهدي. قال الله تعالى: فمن تمتع بالعمرة إلى الحج الآية، وصوم جزاء الصيد. قال الله عز وجل ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم الآية، وإنما يقوم ذلك الصيد قيمة ثم يفض ذلك الثمن على الحنطة، وأما الذي صاحبه بالخيار، فصوم يوم الاثنين والخميس، وصوم ستة أيام من شوال بعد رمضان، ويوم عرقه، ويوم عاشوراء كل ذلك صاحبه بالخيار، إن شاء صام، وإن شاء أفطر. وأما صوم الإذن، فالمرأة لا تصوم تطوعا إلا بإذن زوجها وكذلك العبد والأمة وأما صوم الحرام، فصوم يوم الفطر ويوم الأضحى، وأيام التشويق، ويوم الشك نهينا أن نصومه كرمضان، وصوم الوصال حرام، وصوم الصمت حرام وصوم نذر المعصية حرام، وصوم الدهر حرام والضيف لا يصوم تطوعا إلا بإذن صاحبه قال رسول الله ص: من نزل على قوم فلا يصومن تطوعا إلا باذنهم ويؤمر الصبي بالصوم إذا لم يراهق تأنيسا، وليس بفرض وكذلك من أفطر لعلة من أول النهار ثم وجد قوة في بدنه أمر بالامساك، وذلك تأديب من الله عز وجل، وليس بفرض، وكذلك المسافر إذا اكل من أول النهار ثم قدم أمر بالامساك. واما صوم الإباحة، فمن اكل وشرب ناسيا من غير عمد، فقد أبيح له ذلك وأجزأه عن صومه، واما صوم المريض، وصوم المسافر فان العامة اختلفت فيه. فقال بعضهم يصوم، وقال قوم لا يصوم وقال قوم ان شاء صام، وإن شاء فطر، وأما نحن فنقول: يفطر في الحالين جميعا، فان صام في السفر والمرض، فعليه القضاء، قال الله عز وجل فعدة من أيام أخر.
وروى ابن سعد في الطبقات بسنده أن الزهري أصاب دما خطا فخرج وترك أهله وضرب فسطاطا وقال لا يظلني سقف بيت فمر به علي بن حسين فقال يا ابن شهاب قنوطك أشد من ذنبك فاتق الله واستغفره وابعث إلى أهله بالدية وارجع إلى أهلك فكان الزهري يقول علي بن حسين أعظم الناس علي منة.
ثانيهما: الحلم والصفح ومقابلة الإساءة بالاحسان روى الكليني في الكافي بسنده عن علي بن الحسين ع في حديث أنه قال ما تجرعت من جرعة أحب إلي من جرعة غيظ لا أكافئ بها صاحبها. وفي الارشاد أخبرني أبو محمد الحسن بن محمد حدثني جدي حدثني محمد بن جعفر وغيره قالوا وقف على علي بن الحسين رجل من أهل بيته فاسمعه وشتمه فلم يكلمه فلما انصرف قال لجلسائه قد سمعتم ما قال هذا الرجل وأنا أحب أن تبلغوا معي إليه حتى تسمعوا مني ردي عليه قال فقالوا له نفعل ولقد كنا نحب أن نقول له ونقول قال فاخذ نعليه ومشى وهو يقول والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين فعلمنا أنه لا يقول شيئا قال فخرج إلينا متوثبا للشر وهو لا يشك أنه إنما جاءه مكافيا له على بعض ما كان منه فقال له علي بن الحسين ع يا أخي إنك كنت قد وقفت علي آنفا وقلت وقلت فان كنت قد قلت ما في فانا استغفر الله منه وإن كنت قلت ما ليس في فغفر الله لك قال فقبل الرجل بين عينيه وقال بل قلت فيك ما ليس فيك وأنا أحق به. أخبرني الحسن بن محمد عن جده قال حدثني شيخ من أهل اليمن قد أتت عليه بضع وتسعون سنة قال أخبرني به رجل يقال له عبد الله بن محمد قال سمعت عبد الرزاق يقول:
جعلت جارية لعلي بن الحسين ع تسكب عليه الماء ليتهيأ للصلاة فسقط الإبريق من يد الجارية على وجهه فشجه فرفع رأسه إليها فقالت له الجارية إن الله يقول والكاظمين الغيظ قال قد كظمت غيظي قالت والعافين عن الناس قال لها عفا الله عنك قالت والله يحب المحسنين قال اذهبي فأنت حرة لوجه الله عز وجل. وأخرجه البيهقي عن علي بن الحسين مثله. وفي مناقب ابن شهرآشوب كسرت جارية له قصعة فيها طعام فاصفر وجهها فقال لها اذهبي فأنت حرة لوجه الله. وفي كشف الغمة كان عنده قوم أضياف فاستعجل خادما له بشواء كان في التنور فاقبل به الخادم مسرعا فسقط السفود منه على رأس بني لعلي بن الحسين تحت الدرجة فأصاب رأسه فقتله فقال علي للغلام وقد تحيز الغلام واضطرب أنت حر فإنك لم تعتمده وأخذ في جهاز ابنه ودفنه. وكان له مولى يتولى عمارة ضيعة له فجاء فأصاب فيها فسادا وتضييعا كثيرا فغاظه ما رأى من ذلك وغمه فقرع المولى بسوط كان في يده وندم على ذلك فلما انصرف إلى منزله أرسل في طلب المولى فجاء فوجده عاريا والسوط بين يديه فظن أنه يريد عقوبته فاشتد خوفه فقال له علي بن الحسين قد كان مني إليك ما لم يتقدم مني مثله وكانت هفوة وزلة فدونك السوط واقتص مني فقال يا مولاي والله إن ظننت إلا أنك تريد عقوبتي وأنا مستحق للعقوبة فكيف أقتص منك قال ويحك اقتص قال معاذ الله أنت في حل وسعة فكرر ذلك عليه مرارا والمولى يتعاظم قوله ويجلله فلما لم يره يقتص قال له أما إذا أبيت فالضيعة صدقة عليك وروى الواقدي قال حدثني عبد الله بن محمد بن عمر بن علي ع قال كان هشام بن إسماعيل (1) يسئ جوارنا ولقي منه علي بن الحسين ع أذى شديدا فلما عزل أمر به الوليد أن يوقف للناس فقال ما أخاف إلا من علي بن الحسين فمر به علي بن الحسين وقد أوقف عند دار مروان فسلم عليه وكان علي بن الحسين قد تقدم إلى خاصته أن لا يعرض له أحد بكلمة فلما مر ناداه هشام الله أعلم حيث يجعل رسالته. وزاد ابن فياض في الرواية في كتابه ان زين العابدين ع أنفذ إليه وقال أنظر إلى ما أعجزك من مال تؤخذ به فعندنا ما يسعك فطب نفسا منا ومن كل من يطيعنا فنادى هشام الله أعلم حيث يجعل رسالته. وروى ابن سعد في الطبقات بسنده عن عبد الله بن علي بن الحسين قال لما عزل هشام بن إسماعيل نهانا أبي أن ننال منه ما يكره فإذا أبي قد جمعنا فقال إن هذا الرجل قد عزل وقد أمر بوقفه للناس فلا يتعرض له أحد منكم فقلت يا أبت ولم والله إن أثره عندنا لسئ وما كنا نطلب إلا مثل هذا اليوم قال يا بني نكله