كان فما هو إلا استهزاء بهم، أما أخوه حمزة فلا نعتقد إلا أنه كان مثله في أكثر ذلك وقد سره ما رأى من ابني أخويه محمد وعلي لكنه سكت متربصا سنوح الفرصة ليظهر اسلامه. ويمكن أن يكون العباس أيضا كذلك.
وروى هذا الحديث الطبري في تفسيره أيضا بمثل ما رواه في تاريخه سندا ومتنا إلا أنه أبدل في النسخة المطبوعة قوله: على أن يكون أخي ووصيي وخليفتي فيكم. وقوله: إن هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم بغيره فوضع مكان الأول على أن يكون أخي وكذا وكذا ومكان الثاني أن هذا أخي وكذا وكذا ولا شك أن هذا التبديل من الطابعين جريا على الشنشنة الأخزمية ولكن وجوده في التاريخ وما بقي منه في التفسير من قوله فاسمعوا له وأطيعوا كاف في الارشاد إلى ما حذف منه.
وقد رواه الشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي من علمائنا في كتاب مجالسه قال حدثنا جماعة عن أبي المفضل حدثنا أبو جعفر الطبري سنة 308 حدثنا محمد بن حميد الرازي حدثنا سلمة بن الفضل الأبرش حدثني محمد بن إسحاق عن عبد الغفار قال أبو المفضل: وحدثنا محمد بن محمد بن سليمان الباغندي واللفظ له حدثنا محمد بن الصباح الجرحاوي حدثنا سلمة بن صالح الجعفي عن سليمان الأعمش وأبي مريم جميعا عن المنهال بن عمرو عن عبد الله بن الحارث بن نوفل عن عبد الله بن عباس عن علي بن أبي طالب قال لما نزلت هذه الآية وذكر مثل رواية الطبري المتقدمة بعينها مع تفاوت يسير في بعض الألفاظ لا يخل بالمعنى.
ورواه البغوي كما في رواية الطبري بعينها حكاه عنه ابن تيمية كما ستعرف.
وقال الثعلبي في تفسيره، اخبرني الحسين بن محمد بن الحسين حدثنا موسى بن محمد حدثنا الحسن بن علي بن شعيب العمري حدثنا عبد الله بن يعقوب حدثنا علي بن هاشم عن صباح بن يحيي المزني عن زكريا بن ميسرة عن أبي إسحاق عن البراء قال لما نزلت وانذر عشيرتك الأقربين جمع رسول الله ص بني عبد المطلب وهم أربعون رجلا فامر عليا برجل شاة فادمها ثم قال أدنوا بسم الله فدنوا عشرة عشرة فأكلوا حتى صدروا ثم دعا بقعب من لبن فجرع منه جرعة ثم قال اشربوا بسم الله فشربوا حتى رووا فبدرهم أبو لهب فقال هذا ما سحركم به الرجل فسكت ثم دعاهم من الغد على مثل ذلك من الطعام والشراب ثم أنذرهم فقال يا بني عبد المطلب اني انا النذير إليكم من الله عز وجل والبشير فاسلموا وأطيعوني تهتدوا ثم قال من يواخيني ويوازرني ويكون وليي ووصيي بعدي وخليفتي في أهلي ويقضي ديني فسكت القوم فأعادها ثلاثا كل ذلك يسكت القوم ويقول علي انا فقال في المرة الثالثة أنت فقام القوم وهم يقولون لأبي طالب أطع ابنك فقد أمر عليك.
وهو يدل على أنهم فهموا الخلافة بعده ولذلك قالوا هذا لأبي طالب مع أن اتحاده مع رواية الطبري في الخصوصيات يدل على اشتماله على ما فيها.
وقال النسائي في الخصائص أخبرنا الفضل بن سهل حدثني ابن عفان بن مسلم حدثنا أبو عوانة عن عثمان بن المغيرة عن أبي صادق عن ربيعة بن ماجد ان رجلا قال لعلي يا أمير المؤمنين لم ورثت دون أعمامك قال جمع رسول الله ص بني عبد المطلب فصنع لهم مدا من الطعام فأكلوا حتى شبعوا ثم دعا بعس فشربوا حتى رووا فقال يا بني عبد المطلب اني بعثت إليكم خاصة والى الناس عامة فأيكم يبايعني على أن يكون أخي وصاحبي ووارثي فلم يقم إليه أحد فقمت إليه فقال اجلس ثم قال ثلاث مرات كل ذلك أقوم إليه فيقول اجلس حتى إذا كان في الثالثة ضرب بيده على يدي فبذلك ورثت ابن عمي دون عمي اه.
واتحاد الخصوصيات في هذا الحديث مع خصوصيات حديث الطبري من جمع بني عبد المطلب وصنع الطعام لهم والمجئ بالشراب يدل على أن متنه هو متن حديث الطبري بعينه وانه اشتمل على جميع ما اشتمل عليه حديث الطبري وانه قد تناولته يد التحريف لأمر يعلمه الله فلذلك وقع اضطراب في متنه فان هذا التعليل في الميراث لا يصح ان أريد به ميراث المال اما عندنا فلان الميراث للبنت بالفرض والرد وليس لابن العم شئ، وأما عند غيرنا فلأن الأنبياء لا تورث. وان أريد ميراث العلم نافاه السياق الدال على أن المذكور فيه هو المذكور في حديث الطبري.
وقد اورد هذا الحديث صاحب السيرة الحلبية بنحو ما مر عن الطبري إلى أن قال، من يجيبني إلى هذا الامر ويوازرني على القيام به قال علي انا يا رسول الله. قال وزاد بعضهم في الرواية يكن أخي ووزيري ووارثي وخليفتي من بعدي فلم يجبه أحد منهم فقام علي وقال انا يا رسول الله قال اجلس ثم أعاد القول على القوم ثانيا فلم يجبه أحد منهم فقام علي وقال انا يا رسول الله فقال اجلس فأنت أخي ووزيري ووصيي ووارثي وخليفتي من بعدي، ثم حكى عن ابن تيمية أنه قال في الزيادة المذكور انها كذب وحديث موضوع من له أدنى معرفة في الحديث يعلم ذلك، قال وقد رواه مع زيادته المذكورة ابن جرير والبغوي باسناد فيه أبو مريم الكوفي وهو مجمع على تركه وقال احمد انه ليس بثقة، عامة أحاديثه بواطيل وقال ابن المديني كان يضع الحديث اه وأقول من عنده أدنى معرفة يعلم أن قدح ابن تيمية فيه لم يستند إلى حجة بل إلى التحامل على علي والنصب فقد سمعت بسنده في رواية الطبري في تاريخه وتفسيره وفي رواية الثعلبي في تفسيره، وليس فيه أبو مريم الكوفي على فرض صحة ما قيل فيه وقد عرفت ان الشيخ الطوسي رواه بسندين آخرين غير سند الطبري وان أبا مريم في أحدهما دون الآخر على أن رواية البغوي له ان لم تكن حجة فهي مؤيدة ولا يكون ضعفها قادحا في الرواية الصحيحة، وكل من له أدنى معرفة في الحديث يعلم ذلك.
وقد رواه أيضا من مشاهير علمائنا وثقات محدثيهم الشيخ محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي المعروف بالصدوق قال، حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني، حدثنا عبد العزيز حدثنا المغيرة بن محمد حدثنا إبراهيم بن محمد بن عبد الرحمن الأزدي حدثنا قيس بن الربيع وشريك بن عبد الله عن الأعمش عن منهال بن عمرو عن عبد الله بن الحارث بن نوفل عن علي بن أبي طالب ع قال، لما نزلت وانذر عشيرتك الأقربين دعا رسول الله ص بني عبد المطلب وهم إذ ذاك أربعون رجلا يزيدون رجلا أو ينقصون رجلا فقال أيكم يكون أخي ووارثي ووزيري ووصيي وخليفتي فيكم بعدي فعرض ذلك عليهم رجلا رجلا كلهم يأبى ذلك حتى أتى علي فقال انا يا رسول الله فقال يا بني عبد المطلب هذا أخي ووارثي ووزيري وخليفتي فيكم بعدي فقام القوم يضحك بعضهم إلى بعض ويقولون لأبي طالب قد امرك ان تسمع وتطيع لهذا