وهو يقول جاء علي جاء علي مرارا فقالت فاطمة كأنك بعثته في حاجة فجاء بعد قالت أم سلمة فظننت أن له إليه حاجة فخرجنا من البيت فقعدنا عند الباب وكنت من أدناهم إلى الباب فأكب عليه رسول الله ص وجعل يساره ويناجيه ثم قبض رسول الله ص من يومه ذلك فكان علي أقرب الناس عهدا به اه.
وكانت وفاته ص يوم الاثنين على المشهور بين العلماء عند الزوال لليلتين بقيتا من صفر عند أكثر الامامية، وقال الكليني منهم: لاثنتي عشرة ليلة مضت من ربيع الأول سنة إحدى عشرة من الهجرة وقال المفيد في الارشاد والطبرسي في إعلام الورى سنة عشر من الهجرة قال الطبري في تاريخه: لا خلاف بين أهل العلم بالاخبار أنه ص قبض يوم الاثنين من شهر ربيع الأول غير أنه اختلف فيه فعن فقهاء أهل الحجاز انه قبض نصف النهار يوم الاثنين لليلتين مضتا من شهر ربيع وقال الواقدي توفي يوم الاثنين لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول. وروى ابن سعد في الطبقات انه ص اشتكى يوم الأربعاء لأحدى عشرة ليلة بقيت من صفر سنة إحدى عشرة فاشتكى ثلاث عشرة ليلة وتوفي يوم الاثنين لليلتين مضتا من شهر ربيع الأول سنة إحدى عشرة ثم روى أنه اشتكى يوم الأربعاء لليلة بقيت من صفر سنة إحدى عشرة وتوفي يوم الاثنين لاثنتي عشرة ليلة مضت من ربيع الأول اه وعمره ثلاث وستون سنة. بعث وعمره أربعون وأقام بمكة بعد البعثة ثلاث عشرة سنة وبالمدينة بعد الهجرة عشر سنين.
ولما توفي رسول الله ص كان أبو بكر بمنزله بالسنج خارج المدينة، قال الطبري وابن سعد وغيرهما فقال عمر: ان رسول الله ما مات ولكنه ذهب إلى ربه كما ذهب موسى بن عمران فغاب عن قومه أربعين ليلة ثم رجع بعد ان قيل قد مات والله ليرجعن رسول الله فليقطعن أيدي رجال وأرجلهم يزعمون أنه قد مات. وفي رواية ابن سعد أن عمر دخل عليه هو والمغيرة بن شعبة فكشفا الثوب عن وجهه فقال عمر: ما أشد غشي رسول الله فقال المغيرة مات والله رسول الله ص فقال عمر كذبت ما مات الحديث واقبل أبو بكر حين بلغه الخبر فدخل فرآه ثم خرج فقال أيها الناس من كان يعبد محمدا فان محمدا قد مات ومن كان يعبد الله فان الله حي لا يموت ثم تلا هذه الآية وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل الآية قال عمر فلما تلاها وقعت إلى الأرض وعرفت ان رسول الله ص قد مات. وقد سبق لعمر ان قال نظير ذلك في مرض رسول الله ص حين طلب ص الدواة والصحيفة في حديث ابن سعد السابق.
والمظنون انه لم يكن ليخفى عليه موت النبي ص وإن الذي دعاه إلى ذلك أمر سياسي في المقامين فأراد في المقام الأول صرف الناس عن أمر الصحيفة وفي المقام الثاني صرفهم عن التكلم في أمر الخلافة وإشغالهم بشئ حتى يحضر أبو بكر والله أعلم.
وروى ابن سعد في الطبقات أنه غسل رسول الله ص علي بن أبي طالب والفضل بن العباس وأسامة بن زيد وفي رواية كان علي يغسله والفضل وأسامة يحجبانه وفي رواية علي يغسله والفضل محتضنه وأسامة يختلف وفي رواية قال علي أوصى النبي ص أن لا يغسله أحد غيري فكان الفضل وأسامة يناولانني الماء من وراء الستر وهما معصوبا العين وفي رواية غسله علي يدخل يده تحت القميص والفضل يمسك الثوب عليه وعلى يد علي خرقة إلى غير ذلك من الروايات التي أوردها ابن سعد قال المفيد فلما أراد أمير المؤمنين غسل النبي ص استدعى الفضل بن العباس فامره أن يناوله الماء لغسله بعد أن عصب عينيه فشق قميصه من قبل جيبه حتى بلغ به إلى سرته وتولى غسله وتحنيطه وتكفينه والفضل يعطيه الماء ويعينه عليه فلما فرع من غسله وتجهيزه تقدم فصلى عليه وحده لم يشركه معه أحد في الصلاة عليه وكان المسلمون في المسجد يخوضون فيمن يؤمهم في الصلاة عليه وأين يدفن فخرج إليهم أمير المؤمنين ع وقال لهم إن رسول الله امامنا حيا وميتا فيدخل عليه فوج بعد فوج منكم فيصلون عليه بغير امام وينصرفون وان الله لم يقبض نبيا في مكان إلا وقد ارتضاه لرمسه فيه وإني لدافنه في حجرته التي قبض فيها فسلم القوم لذلك ورضوا به. قال ابن هشام فصلى عليه الرجال ثم النساء ثم الصبيان، وقال ابن عبد البر في الاستيعاب صلى عليه علي والعباس وبنو هاشم ثم خرجوا ثم دخل المهاجرون ثم الأنصار ثم الناس يصلون عليه أفذاذا لا يؤمهم أحد ثم النساء والغلمان، ولما صلى المسلمون عليه انفذ العباس بن عبد المطلب برجل إلى أبي عبيدة بن الجراح وكان يحفر لأهل مكة ويضرح (1) وكان ذلك عادة أهل مكة وانفذ إلى زيد بن سهيل وكان يحفر لأهل المدينة ويلحد (2) فاستدعاهما وقال اللهم خر لنبيك فوجد أبو طلحة زيد بن سهل فقيل له أحفر لرسول الله فحفر له لحدا ودخل أمير المؤمنين والعباس بن عبد المطلب والفضل بن العباس وأسامة بن زيد ليتولوا دفن رسول الله ص فنادت الأنصار من وراء البيت يا علي انا نذكرك الله وحقنا اليوم من رسول الله ص ان يذهب ادخل منا رجلا يكون لنا به حظ من مواراة رسول الله ص فقال ليدخل أوس بن خولي وكان بدريا فاضلا من بني عوف من الخزرج فلما دخل قال له علي ع إنزل القبر فنزل ووضع أمير المؤمنين رسول الله ص على يديه ودلاه في حفرته فلما حصل في الأرض قال له اخرج فخرج ونزل علي ع القبر فكشف عن وجه رسول الله ص ووضع خده على الأرض موجها إلى القبلة على يمينه ثم وضع عليه اللبن وأهال عليه التراب وربع قبره وجعل عليه لبنا ورفعه من الأرض قدر شبر اه وروي قدر شبر وأربع أصابع وظاهر المفيد ان دفنه ص كان في اليوم الذي توفي فيه وروى ابن هشام انه ص توفي يوم الاثنين وغسل يوم الثلاثاء ودفن ليلة الأربعاء ليلا وروى ابن سعد مثله إلا في الغسل يوم الثلاثاء وروى أيضا انه توفي يوم الاثنين حين زاغت الشمس فلم يدفن حتى كانت العتمة ولم يله إلا أقاربه وفي رواية انه دفن ليلة الأربعاء في السحر وفي رواية توفي يوم الاثنين حين زاغت الشمس ودفن يوم الثلاثاء حين زاغت الشمس ولعله موافق لما رواه أيضا انه ترك بعد وفاته يوما وليلة ويحمل عليه ما رواه ابن هشام انه ص توفي يوم الاثنين ودفن يوم الثلاثاء وروى أيضا انه توفي يوم الاثنين حين زاغت الشمس ودفن يوم الأربعاء وهذا لا ينافي دفنه ليلة الأربعاء لأن اليوم يطلق على الليلة وبالعكس.
قال المفيد: ولم يحضر دفنه ص أكثر الناس لما جرى بين المهاجرين والأنصار من التشاجر في أمر الخلافة وفات أكثرهم الصلاة عليه لذلك اه وروى ابن سعد في الطبقات انه رش على قبره ص الماء وقال ابن عبد البر في الاستيعاب جعل قبره مسطوحا ورش الماء عليه رشا.
وروى غير واحد إنه لما دفن رسول الله ص قالت فاطمة: أ طابت