حتى رأيت النساء قد رفعن عن سوقهن وبدت خلاخيلهن قال الواقدي وقالوا ما ظفر الله تعالى نبيه في موطن قط ما ظفره وأصحابه يوم أحد حتى عصوا الرسول ص ولما انهزم المشركون تبعهم المسلمون يضعون السلاح فيهم حيث شاؤوا حتى اخرجوهم عن المعسكر ووقعوا ينتهبونه وياخذون ما فيه من الغنائم فلما رآهم الرماة قال بعضهم لبعض لم تقيمون هاهنا في غير شئ قد هزم الله العدو وهؤلاء اخوانكم ينتهبون عسكرهم فأدخلوا عسكر المشركين فاغنموا معهم فقال بعضهم أ لم تعلموا أن رسول الله ص قال لكم احموا ظهورنا وإن غنمنا فلا تشركونا فقال الآخرون لم يرد رسول الله هذا وقد أذل الله المشركين وهزمهم فلما اختلفوا خطبهم أميرهم عبد الله بن جبير وأمرهم بطاعة الرسول ص فعصوه وانطلقوا فلم يبق معه إلا نفر ما يبلغون العشرة منهم الحارث بن أنس يقول يا قوم اذكروا عهد نبيكم إليكم وأطيعوا أميركم فأبوا وذهبوا إلى عسكر المشركين ينهبون وخلوا الجبل وذلك قوله تعالى ولقد صدقكم الله وعده إذ تحسونهم باذنه حتى إذا فشلتم وتنازعتم في الأمر وعصيتم من بعد ما أراكم ما تحبون منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة ثم صرفكم عنهم ليبتليكم ولقد عفا عنكم والله ذو فضل على المؤمنين فنظر خالد بن الوليد إلى خلاء الجبل وقلة أهله فكر بالخيل وتبعه عكرمة فانطلقا إلى موضع الرماة فحملوا عليهم فراماهم القوم حتى أصيبوا وراماهم عبد الله بن جبير حتى فنيت نبله ثم طاعن بالرمح حتى انكسر ثم كسر جفن سيفه فقاتل حتى قتل. ولما رأى المشركون خيلهم تقاتل رجعوا من هزيمتهم وكروا على المسلمين من أمامهم وهم غارون آمنون مشتغلون بالنهب وجعلوا المسلمين في مثل الحلقة وانتقضت صفوف المسلمين وجعل يضرب بعضهم بعضا من العجلة والدهش حتى قتل اليمان أبو حذيفة قتله المسلمون خطا وابنه يصيح أبي أبي فلم يسمعوه وكان رسول الله ص خلفه بالمدينة هو وثابت بن وقس لأنهما شيخان كبيران فقال أحدهما للآخر أ فلا نأخذ أسيافنا ثم نلحق برسول الله ص فجاءا حتى دخلا من قبل المشركين أما ثابت فقتله المشركون وأما اليمان فقتله المسلمون وهم لا يعرفونه فتصدق حذيفة بديته على المسلمين وقتل المسلمون قتلا ذريعا حتى قتل منهم سبعون رجلا بعدد من قتل من المشركين يوم بدر أو أكثر وتفرقوا في كل وجه وتركوا ما انتهبوا فاخذه المشركون وتركوا ما بأيديهم من اسراء المشركين. وقاتل مصعب بن عمير دون رسول الله ص ومعه لواؤه حتى قتل قتله ابن قميئة الليثي وهو يظنه رسول الله ص فرجع إلى قريش وهو يقول قتلت محمدا فجعل الناس يقولون قتل محمد. فلما قتل مصعب بن عمير أعطى رسول الله ص اللواء إلى علي بن أبي طالب وتفرق أكثر أصحاب رسول الله ص عنه وقصده المشركون وجعلوا يحملون عليه يريدون قتله وثبت رسول الله ص ما يزول يرمي عن قوسه حتى تكسرت قال ابن الأثير وقاتل رسول الله ص يوم أحد قتالا شديدا فرمي بالنبل حتى فني نبله وانكسرت سية قوسه وانقطع وتره. قال المفيد فيما رواه بسنده عن ابن مسعود: وثبت معه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وأبو دجانة وسهل بن حنيف يدفعون عنه ص ففتح عينيه وكان قد أغمي عليه مما ناله فقال يا علي ما فعل الناس؟ قال نقضوا العهد وولوا الدبر قال اكفني هؤلاء الذين قد قصدوا قصدي فحمل عليهم علي فكشفهم وعاد إليهم وقد حملوا عليه من ناحية أخرى فكر عليهم فكشفهم وأبو دجانة وسهل بن حنيف قائمان على رأسه بيد كل واحد منهما سيف ليذب عنه اه وأتى ابن قميئة الحارثي أحد بني الحارث بن عبد مناة فرمى رسول الله ص بحجر فكسر انفه ورباعيته السفلى وشق شفته وشجه في وجهه فأثقله وعلاه بالسيف فلم يطق أن يقطع وكلم رسول الله ص في وجنتيه حتى دخل فيهما من حلق المغفر وفي جبهته في أصول شعره وجعل الدم يسيل على وجهه وهو يمسحه عن وجهه ويقول كيف يفلح قوم خضبوا وجه نبيهم بالدم وهو يدعوهم إلى الله عز وجل. قال الطبري: وتفرق عن رسول الله ص أصحابه ودخل بعضهم المدينة وانطلق بعضهم فوق الجبل إلى الصخرة فقاموا عليها وفشا في الناس أن رسول الله ص قد قتل فقال بعض أصحاب الصخرة ليت لنا رسول إلى عبد الله بن أبي فيأخذ لنا امنة من أبي سفيان يا قوم أن محمدا قد قتل فارجعوا إلى قومكم قبل أن يأتوكم فيقتلوكم اه وهذا يدل على أن القائل من المهاجرين: قال الطبري فقال الله عز وجل للذين قالوا هذا القول: وما محمد الا رسول قد خلت من قبله الرسل أ فان مات أو قتل انقلبتم على اعقابكم الآية.
قال الطبري وغيره: وفر عثمان بن عفان ومعه رجلان من الأنصار حتى بلغوا الجلعب جبلا بناحية المدينة مما يلي الأغرض فاقاموا به ثلاثا فقال لهم رسول الله ص لقد ذهبتم فيها عريضة اه وفي رواية الواقدي انهم انتهوا إلى مكان يسمى الأغرض فقال ص لهم ذلك.
وكانت هند بنت عتبة جعلت لوحشي جعلا على أن يقتل رسول الله ص أو علي بن أبي طالب أو حمزة فقال اما محمد فلا حيلة لي فيه لأن أصحابه يطيفون به واما علي فإنه إذا قاتل كان احذر من الذئب واما حمزة فاني اطمع فيه لأنه إذا غضب لم يبصر بين يديه. قال وحشي والله إني لأنظر إلى حمزة يهد الناس بسيفه ما يلقي أحدا يمر به إلا قتله فهززت حربتي فرميته فوقعت في أربيته (1) حتى خرجت من بين رجليه واقبل نحوي فغلب فوقع فأمهلته حتى إذا مات جئت فأخذت حربتي ثم تنحيت إلى العسكر وجاء وحشي بعد فتح مكة إلى رسول الله ص فاظهر الاسلام فعفا عنه رسول الله ص وقال له لا ترني وجهك، قال ابن هشام سكن حمص وغلبت عليه الخمرة وقال أيضا بلغني أنه لم يزل يحد في الخمر حتى خلع من الديوان اه.
قال الطبري: حدثنا ابن حميد حدثنا سلمة حدثني محمد بن إسحاق حدثني القاسم بن عبد الرحمن بن رافع أخو بني عدي بن النجار قال انتهى انس بن النضر عم انس بن مالك إلى عمر بن الخطاب وطلحة بن عبيد الله في رجال من المهاجرين والأنصار وقد ألقوا بأيديهم فقال ما يجلسكم؟
قالوا: قتل محمد رسول الله، قال فما تصنعون بالحياة بعده؟! قوموا فموتوا على ما مات عليه ثم قاتل حتى قتل.
قال ابن الأثير: وكانت أم أيمن حاضنة رسول الله ص ونساء من الأنصار يسقين الماء فرماها حفانة بن العرقة بسهم فأصاب ذيلها فضحك فدفع النبي ص سهما إلى سعد بن أبي وقاص وقال ارمه فرماه فاصابه فضحك النبي ص.
قال الطبري: ووقعت هند وصواحبها على القتلى من أصحاب رسول الله ص يمثلن بهم يجد عن الآذان والأنوف حتى اتخذت هند من آذان الرجال وآنافهم خدما (2) وقلائد وأعطت خدمها وقلائدها وقرطتها وحشيا وبقرت