ولم يجتمع بباب أحد من الملوك والوزراء بعد الخلفاء ما اجتمع ببابه من الشعراء ومدح بمائة ألف قصيدة عربية وفارسية وأنفق أمواله على الشعراء والأدباء والقصائد البرذونيات والتي وصفت بها داره لشعراء عصره مع كثرتها أشهر من قفانك واليتيمة جلها في شعرائه قال الثعالبي: احتف به من نجوم الأرض وأفراد العصر وفرسان الشعر من يربى عددهم على شعراء الرشيد ولا يقصرون عنهم في الأخذ برقاب القوافي وملك رق المعاني فإنه لم يجتمع بباب أحد من الخلفاء والملوك مثل ما اجتمع بباب الرشيد من فحولة الشعراء المذكورين: كابي نواس. وأبي العتاهية. والعتابي.
والنمري. ومسلم بن الوليد. وأبي الشيص. ومروان بن أبي حفصة.
ومحمد بن مناذر. وجمعت حضرة الصاحب بأصبهان والري وجرجان مثل:
أبي الحسن السلامي. وأبي بكر الخوارزمي. وأبي طالب المأموني. وأبي الحسن البديهي. وأبي سعيد الرستمي. وأبي القاسم الزعفراني. وأبي العباس الضبي والقاضي الجرجاني وأبي القاسم بن أبي العلاء. وأبي محمد الخازن. وأبي هاشم العلوي وأبي الحسن الجوهري وبني المنجم وابن بابك. وابن القاشاني. وأبي الفضل الهمداني. وإسماعيل الشاشي. وأبي العلاء الأسدي. وأبي الحسن الغويري. وأبي دلف الخزرجي. وأبي حفص الشهرزوري. وأبي معمر الإسماعيلي. وأبي الفياض الطبري وغيرهم ممن لم يبلغني ذكره أو ذهب عني اسمه، ومدحه مكاتبة الشريف الرضي الموسوي. وأبو إسحاق الصابي. وابن حجاج. وابن سكرة. وابن نباتة اه، ولما أرسل إليه منصور بن نوح الساماني صاحب خراسان في السر يستدعيه كان من جملة عذره أن قال وعندي من كتب العلم خاصة ما يحمل على أربع مائة جمل أو أكثر. وكان يستصحب في سفره حمل ثلاثين بعيرا والظاهر أنها كانت من كتب الأدب خاصة لأنه استغنى عن حملها لما وصله كتاب الأغاني وكان يتولى خزانة كتبه أبو محمد الخازن الشاعر وقال أبو الحسن البيهقي بيت الكتب الذي بالري دليل على ذلك بعد ما أحرقه السلطان محمد بن سبكتكين لما ورد إلى الري فقيل له إن هذه كتب الروافض وأهل البدع فامر باحراق كلما كان في علم الكلام فاني وجدت فهرست تلك الكتب عشرة مجلدات اه.
فضل سيف الدولة على الأدب العربي وممن له الفضل العظيم والأيادي البيض على اللغة العربية والأدب العربي وخدمهما أعظم خدمة بعطاياه وتقريبه العلماء والشعراء والأدباء سيف الدولة علي بن حمدان. كان ابن خالويه النحوي الأديب اللغوي من صنائع سيف الدولة قال ابن النديم توفي بحلب في خدمة بني حمدان اه. ووفد عليه العلماء فاكرمهم وأجازهم منهم أبو نصر الفارابي.
وحمل إليه أبو الفرج الأصبهاني كتاب الأغاني فاجازه بألف دينار. قال الثعالبي في اليتيمة في وصف سيف الدولة: حضرته مقصد الوفود ومطلع الجود وقبلة الآمال ومحط الرحال وموسم الأدباء وحلبة الشعراء ويقال انه لم يجتمع بباب أحد من الملوك بعد الخلفاء ما اجتمع ببابه من شيوخ الشعر ونجوم الدهر وإنما السلطان سوق يجلب إليها ما ينفق لديها وكان أديبا شاعرا محبا لجيد الشعر شديد الاهتزاز لما يمدح به فلو أدرك ابن الرومي زمانه لما احتاج إلى أن يقول:
- ذهب الذين تهزهم مداحهم * هز الكماة عوالي المران - - كانوا إذا امتدحوا رأوا ما فيهم * فالأريحية منهم بمكان - قال وكان كل من أبي محمد عبد الله بن محمد الفياضي الكاتب وأبي الحسين علي بن محمد الشمشاطي قد اختار من مدائح الشعراء لسيف الدولة عشرة آلاف بيت اه.
ما ذكره ابن النديم من شعراء سيف الدولة منهم المتنبي. قال ابن النديم: وشهرته تغني عن الأطناب في ذكره كوفي ولقي سيف الدولة وشعره فيه مشهور. والمغنم المصري اسمه ابن الحسن محمد بن سامي الشعباني قال ابن النديم من شعراء سيف الدولة. والببغا أبو الفرج عبد الواحد بن نصر الشامي قال ابن النديم مطبوع الشعر ولقي سيف الدولة. وأبو عبد الله محمد بن الحسين قال ابن النديم لقي سيف الدولة. وأبو نصر بن نباتة التميمي قال ابن النديم من شعراء سيف الدولة والشيظمي قال ابن النديم: كان يجول ثم انقطع إلى الدولة شعره 500 ورقة والورقة أربعون سطرا اه.
ما ذكره الثعالبي في اليتيمة من شعراء سيف الدولة وأدباء حضرته منهم أبو بكر الخوارزمي. قال الثعالبي: كان في ريعان عمره حصل من حضرة سيف الدولة بحلب في مجمع الرواة والشعراء فأقام ما أقام بها علي بن عبد الله بن خالويه وأبي الحسن الشمشاطي وغيرهما من أئمة الأدباء وأبي الطيب المتنبي وأبي العباس النامي وغيرهما من فحولة الشعراء بين علم يدرسه وأدب يقتبسه وانقلب عنها وهو أحد أفراد الدهر وأمراء النظم والنثر وكان يقول ما فتق قلبي وشحذ فهمي وصقل ذهني وأرهف حد لساني وبلغ هذا المبلغ بي الا تلك الطرائف الشامية واللطائف الحلبية التي علقت بحفظي وغصن الشباب رطيب وبرد الحداثة قشيب. قال الثعالبي: وممن خرجته تلك البلاد وأخرجته وكلامه مقبول محبوب آخذ بمجامع القلوب القاضي أبو الحسن علي بن عبد العزيز الجرجاني فإنه جنى ثمارها واستصحب آثارها حتى ارتقى إلى المحل العلي وتطبع بطبع البحتري. وأبو عبد الله بن خالويه الأديب النحوي. وأبو الحسن الشمشاطي وأبو محمد الفياضي الكاتب وأبو الطيب المتنبي وأبو العباس أحمد بن محمد النامي والسري بن أحمد الموصلي وأبو فراس الحارث بن سعيد الحمداني وأبو الفرج الببغا وأبو الفرج الواواء وأبو نصر بن نباتة من شعراء العراق وأبو بكر وأبو عثمان الخالديان وهما من خواص شعرائه وأبو اسحق الصابي ارسل إليه المديح من بغداد وغيرهم.
وكانت ينابيع جوده تنفجر دائما على الشعراء حكى الثعالبي انه كان قد أمر بضرب دنانير للصلات في كل منها عشرة مثاقيل وعليه اسمه وصورته أمر يوما لأبي الفرج الببغا بعشرة دنانير فقال من أبيات:
- فقد غدت باسمه وصورته * في دهرنا عوذة من العدم - فزاده عشرة أخرى. وكان الشعراء ينشدونه فجاء إعرابي رث الهيئة فاستأذن وأنشد:
- أنت علي وهذه حلب * قد نفد الزاد وانتهى الطلب - - بهذه تفخر البلاد وبالأمير * تزهى على الورى العرب - - وعبدك الدهر قد أضربنا * إليك من جور عبدك الهرب - فقال سيف الدولة أحسنت والله وأمر له بمائتي دينار. وأجاز أبو