والكلام في المقام تارة في دفع هذه الثلاثة إلى الجائر، وأخرى في الأخذ منه، وثالثة في براءة ذمة الدافع إذا دفعها إليه.
أما الأول، فظاهر جماعة من أصحابنا وجوب دفع الأولين إليه (1)، فلا يجوز للزارع جحد شئ منهما ولا منعه ولا سرقته، ونقله المحقق الشيخ علي في رسالته الخراجية عن كثير من معاصريه (2)، وفي كفاية الأحكام عن بعض الأصحاب الاتفاق عليه، وتأمل هو فيه (3).
ونقل بعضهم عن جماعة من أصحابنا عدم براءة الذمة بالدفع اختيارا، ومقتضاه عدم جوازه مع التمكن، وبذلك صرح الشيخ إبراهيم القطيفي في نقض الخراجية للشيخ علي (4)، بل ظاهره دعوى الضرورة الدينية على العدم.
ولا يخفي أن ذلك مقتضى الأصل، لأنهما - كالزكاة - حق لجماعة خاصة ليس الجائر منهم ولا قيما عليهم، فالأصل عدم جواز دفع حصتهم إليهم - سيما مع ما هو عليه من الفسق الواضح - ما دام يتمكن من عدم الدفع.
وتدل عليه صحيحة العيص: في الزكاة فقال: (ما أخذه منكم بنو أمية فاحتسبوا به، ولا تعطوهم شيئا ما استطعتم) (5)، وصحيحة الشحام الآتية (6).