وهو حسن، ولكن يختص بما إذا كان حين قبول الولاية معروفا واجبا متروكا أو منكرا حراما موجودا وتوقف الأمر والنهي على قبول التولية، لا إذا كان قبولها سببا للتمكن من النهي عن المنكر لو وجد والأمر بالمعروف لو ترك، إذ لم يثبت وجوب مقدمة مثل ذلك أيضا.
والظاهر أن مرادهم ما يشمل الثاني أيضا.
هذا، ثم إن ظاهر الأكثر اختصاص الجواز أو الرجحان مطلقا أو مع المنع من الترك بصورتي الاستثناء، وأن التولية في غيرهما حرام وإن علم عدم ارتكاب المآثم.
وهو فيما هو ظاهر كلامهم - من التولية عن السلطان الجائر مطلقا من المخالفين أو الشيعة في زمن الحضور أو الغيبة - مشكل، لعدم دليل على ذلك العموم، فإن الأخبار المانعة عن التولية عنهم غير متضمنة لما يعم الجميع، كما لا يخفى على الناظر فيها، وما أمكن التعميم فيه قاصر عن إثبات الحرمة، كموثقة عمار: عن أعمال السلطان يخرج فيه الرجل، قال:
(لا، إلا أن لا يقدر على شئ يأكل ولا يشرب، ولا يقدر على حيلة، فإن فعل فصار في يده شئ فليبعث بخمسه إلى أهل البيت) (1)، حيث إن جواب السؤال ليس إلا (لا يخرج) وهو لكونه نفيا لا يفيد سوى المرجوحية.
نعم، يصح ما ذكروه في التولية عن سلاطين عهدهم من بني أمية وبني العباس لعنهم الله.
فالقول الفصل أن يقال: إن الكلام إما في التولية عنهم، أو عن غيرهم من سلاطين الجور.