وأما الاستدلال بالروايات المجوزة لقبول جوائز العمال - كصحيحة محمد وزرارة (1)، وصحيحة أبي ولاد (2)، وصحيحة أبي المغرا (3) - فهي غير دالة، لعدم دلالتها على العلم بأن في ماله حراما، بل السؤال فيها إنما هو لأجل كونهم متصرفين في الخراج والمقاسمة، وهما حلالان كما يأتي.
والأفضل التورع عنها في غير ما علم حله إجماعا، لصدق الشبهة المأمور باجتنابها، إلا مع إخبار المخبر بالإباحة، فلا تكره كما قيل (4)، بل نفي عنه الخلاف (5).
وهو مشكل، لعدم خروجه عن الشبهة إذا احتمل كذبه، ووجوب حمل قول المسلم على الصدق إن كفى في رفع الشبهة لكفى وجوب حمل فعله على الصحة في رفعها بمجرد الاعطاء أيضا، فلا يكون مكروها مطلقا.
وصرح في المنتهى بزوال الكراهة بإخراج الخمس أيضا (6)، وربما أسند إلى المشهور، لكونه مطهرا للمختلط بالحرام، فلما لم تعلم حرمته أولى، ولموثقة عمار: عن أعمال السلطان يخرج فيه الرجل، قال: (لا، إلا أن لا يقدر على شئ يأكل ولا يشرب، ولا يقدر على حيلة، فإن فعل فصار في يده شئ فليبعث بخمسه إلى أهل البيت) (7).