ووظيفة كل يوم من الفرائض أيضا معلومة، فلو قضى جميع ما بين الطرفين يحصل العلم. ولو علم قطعا أنه لم يترك بعضها كنصف أيام تكليفه أو ثلثه أو عشره يحصل العلم بفعل ما نقص عنه ذلك أيضا، ولا يلزم أن يكون تحصيل العلم بالاتيان بما فات من غير زيادة ونقصان، بل اللازم فيه الاتيان بما لا ينقص عن الفائت قطعا.
وأما استلزامه العسر والحرج المسقطين للتكليف فهو ممنوع البتة، كيف؟!
ولو علم أحد أنه فات صلوات كثيرة منه منذ سنة أو سنتين أو ثلاث سنين ولم يعلم عددها، فغايته فوت تمام صلوات هذه الأيام، فيقضي صلوات ثلاث سنين، وقد ينقص ثلثها أو أقل أو أزيد أيضا بأن علم قطعا الاتيان بالثلث أو نحوه، وكثير من الناس يصير أجيرا لأزيد من ذلك فيفعله في شهر أو شهرين.
وكذا كثيرا ما يحكمون بوجوب قضاء صلوات عشر سنين أو عشرين أو أزيد - لوقوع خلل أو ترك تقليد - لأجل الدليل، ولا ينفونه بالعسر والحرج.
فإذا كان الاستصحاب هنا أيضا دليلا فلم لا يحكم بمقتضاه لأجل العسر والحرج لو سلمنا؟ مع أن التفاوت فيما يحصل به الظن وما به يحصل العلم لا يكون كثيرا غالبا، فإذا وجب الأول بدون عسر وحرج يكون الثاني أيضا كذلك.
ثم لو سلمنا عدم إمكان تحصيل العلم واستلزامه العسر والحرج فمقتضاه سقوط تحصيل العلم وما يقتضيه الاستصحاب والاشتغال، وأما الاكتفاء بالظن فلا دليل عليه أصلا. ومثل " ما لا يدرك حله لا يترك كله " لا يدل بوجه كما بينا في موضعه، والرجوع إليه بعد سد باب العلم ممنوع غايته، بل يرجع إلى سقوط التكليف فيما ليس فيه علم، ومن ذلك ظهر عدم دليل تام لشئ من ذينك القولين.
وهنا قول آخر، وهو: الاكتفاء بقضاء ما تيقن فواته. استوجهه في المدارك والذخيرة (1)، وهو ظاهر التذكرة ونهاية الإحكام (2).