ولو قطع النظر عن ذلك أيضا لحصل التعارض بين الفريقين، فيجب الرجوع إلى المرجح، ولا شك أن أخبار عدم الترتب أرجح من جميع وجوه المرجحات المنصوصة: فإنها موافقة لعموم الكتاب الدال على جواز إقامة الصلاة في أول أوقاتها، والدال على انتفاء العسر والحرج، ومطابقة للسنة النبوية من كونه مبعوثا بالملة السهلة السمحة، ومخالفة لروايات العامة وفتواهم، إذ - كما صرح به جمع من علمائنا منهم صاحب الذخيرة وبعض مشايخنا المحققين وغيرهما، وتدل عليه رواياتهم - القول بالمضايقة والترتب فتوى أكثر العامة.
بل من جهة بعض المرجحات الغير المنصوصة أيضا، كموافقة الأصل، وأوفقية العمومات الكثيرة الغير العديدة، وعمل الناس من الصدر الأول إلى زماننا هذا.
وترجيح أخبار المضايقة والترتب بالأكثرية والأصحية غلط واضح.
نعم، قد تترجح بموافقة شهرة القدماء والاجماعات المنقولة.
ويعارضه ما مر من شهرة المتأخرين المستفيضة حكايتها ودعوى الاجماع من بعضهم على خلافه.
مع أنه يستفاد من كلام الحلي الوهن في دعوى إجماعه بل إجماع غيره جدا، حيث إنه في الرسالة التي عملها للمسألة قال: أطبقت عليه الإمامية خلفا عن سلف - إلى أن قال -: لأن ابني بابويه والأشعريين كسعد بن عبد الله وسعد بن سعد ومحمد بن علي بن محبوب، والقميين كعلي بن إبراهيم ومحمد بن الحسن بن الوليد عاملون بالأخبار المتضمنة للمضايقة، لأنهم ذكروا أنه لا يحل رد الخبر الموثوق روايته. انتهى.
ولا يخفى ما في تعليله لعمل هؤلاء بأخبار المضايقة، فإنه بعينه يجري في أخبار المواسعة أيضا.
ثم لو سلمت مكافأة الترجيحين فالعمل إما بالأصل أو التخيير، ومقتضاهما أيضا عدم الترتب.
ومما ذكرنا ظهر أن المسألة واضحة جدا وإن توهم بعض مشايخنا الأخباريين