فذهب صاحب الكفاية (رحمه لله) إلى: ان هذا الاختلاف يرجع إلى حكم العقل في مقام الامتثال، حيث إن المطلوب في باب الامر ايجاد الطبيعة، وهو يتحقق بايجاد فرد منها، لان وجود الفرد وجود للطبيعة، والمطلوب في باب النهي ترك الطبيعة وهو لا يتحقق إلا بترك جميع الافراد، إذ مع وجود أي فرد توجد الطبيعة فلا يتحقق الترك المطلوب (1).
وقد ناقش في هذا المفاد المحقق الأصفهاني ببيان إليك نصه (2): " لا يخفى عليك ان الطبيعة توجد بوجودات متعددة ولكل وجود وعدم هو بديله ونقيضه، فقد يلاحظ الوجود مضافا إلى الطبيعة المهملة التي كان النظر مقصورا على ذاتها وذاتياتها فيقابله إضافة العدم إلى مثلها ونتيجة المهملة جزئية، فكما أن مثل هذه الطبيعة تتحق بوجود واحد كذلك عدم مثلها، وقد يلاحظ الوجود مضافا إلى الطبيعة بنحو الكثرة، فلكل وجود منها عدم هو بديله، فهناك وجودات واعدام.
وقد يلاحظ الوجود بنحو السعة أي بنهج الوحدة في الكثرة بحيث لا يشذ عنه وجود - يعني بنحو العموم المجموعي -، فيقابله عدم مثله، وهو ملاحظة العدم بنهج الوحدة في الاعدام المتكثرة، أي طبيعي العدم بحيث لا يشذ عنه عدم، ولا يعقل ان يلاحظ الوجود المضاف إلى الماهية على نحو يتحقق بفرد ما، فيكون عدمه البديل له بحيث لا يكون إلا بعدم الماهية بجميع افرادها. واما ما يتوهم من ملاحظة الوجود بنحو آخر غير ما ذكر، وهو ناقض العدم الكلي وطارد العدم الأزلي بحيث ينطبق على أول الوجودات - ويعبر عنه بصرف الوجود -، ونقيضه عدم ناقض العدم، وهو بقاء العدم الكلي على حاله، فلازم مثل هذا الوجود تحقق الطبيعة بفرد، ولازم نقيضه انتفاء الطبيعة بانتفاء جميع افرادها .