عن واقع الامر، فإنه كراهة الفعل والامر إرادة الفعل، كما أن المنشأ في النهي هو الزجر عن الفعل والمنشأ في الامر طلبه والبعث إليه فيختلف الأمر والنهي مفهوما مادة وصيغة، ومتعلقهما واحد وهو الفعل (1).
والتحقيق: موافقة صاحب الكفاية في ما ذهب إليه من الرأي.
والذي ندعيه: أن المنشأ في مورد النهي ليس إلا البعث نحو الترك مع الالتزام بأن مفهوم النهي يساوق عرفا مفهوم المنع والزجر لا البعث والطلب.
والوجه فيما ادعيناه: هو أن التكليف أعم من الوجوب والتحريم - على جميع المباني في حقيقته - إنما هو لجعل الداعي وللتحريك نحو المتعلق بحيث يصدر المتعلق عن إرادة المكلف، ومن الواضح أن ما يقصد اعمال الإرادة فيه في باب النهي هو الترك وعدم الفعل ولا نظر إلى إعمال الإرادة في الفعل كما لا يخفى جدا، وهذا يقتضي أن يكون المولى في مقام تحريك المكلف نحو ما يتعلق به اختياره وهو الترك، ويكون في مقام جعل ما يكون سببا لاعمال إرادة المكلف في الترك، فواقع النهي ليس إلا هذا المعنى وهو قصد المولى وإرادته تحريك المكلف واعمال ارادته في الترك.
وهذا كما يمكن أن ينشأ بمدلوله المطابقي وهو طلب الترك، كذلك يمكن أن ينشأ بمدلوله الالتزامي وهو الانزجار عن الفعل فإنه لازم إرادة ترك العمل، وهو في باب النهي منشأ بمدلوله الالتزامي بعكسه في باب الامر فإنه منشأ بمدلوله المطابقي، فالمنشأ في باب النهي إرادة الترك بمفهوم المنع والنهي، وليس المنشأ هو نفس المنع عن الفعل، لأنه غير المقصود الأولي وأجنبي عما عليه واقع المولى.
وأما دعوى: أنه ليس في الواقع سوى كراهة الفعل تبعا لوجود المفسدة