الحكمة فيها كي يثبت إرادة الاطلاق منها، إذ لو كانت مقيدة بزمان خاص اقتضى النهي ترك جميع افراد الطبيعة المقيدة، كما أنه لو لم يكن المقام مقام بيان كان المقصود مهملا ولا يثبت لزوم ترك جميع الافراد لعدم احراز المقصود بالطبيعة.
وبالجملة: القضية العقلية في النهي مفادها لزوم ترك جميع افراد ما أريد من المدخول. اما احراز المقصود بالمدخول وانه الطبيعة المطلقة أو غيرها فهو أجنبي عن مفاد القضية العقلية، بل احراز الاطلاق لابد له من دال آخر وهو مقدمات الحكمة.
وهذا المعنى تنبيه على اندفاع ما يتوهم أو يقال من: ان النكرة إذا وقعت في سياق النفي أو النهي تفيد العموم لحكم العقل بذلك، بحيث جعل منشاء استفادة الاطلاق والعموم من الطبيعة المدخولة للنهي هو حكم العقل المزبور ومفاد القضية العقلية. ولا يخفى ترتب الأثر على هذا الاختلاف في الرأي في مسالة تعارض دليل النهي مع دليل آخر يتكفل بيان مفاده بمقتضى الوضع لا الاطلاق. نظير العموم الوضعي، فإنه بناء على أن اطلاق الطبيعة في مورد النهي يستفاد من مقدمات الحكمة يكون الدليل الاخر مقدما على دليل النهي، لتقدم الظهور الوضعي على الظهور الاطلاقي كما تقرر في محله، من جهة ان الأول تنجيزي والثاني تعليقي. واما بناء على أن اطلاق الطبيعة في مورد النهي يستفاد بحكم العقل تعارض الدليلان، ولم يقدم الدليل الاخر على دليل النهي لكون ظهور كل منها تنجيزي فتدبر.
الجهة الرابعة: في النهي لو خولف وأتي بالعمل المنهي عنه، فهل مقتضاه استمرار النهي بعد المخالفة أولا؟.
ذهب صاحب الكفاية إلى عدم دلالة النهي على إرادة الترك لو خولف، ولا على عدم ارادته، بل لا بد في احراز ذلك من دلالة أخرى، ولو كانت اطلاق