واما المرحلة الرابعة - أعني مرحلة الفعلية والتأثير -: فالحق أيضا استحالة ثبوت الحكمين الفعليين لا لاجل اللغوية، بل هو مستحيل في نفسه ولو من غير الحكيم، وذلك لما تقدم منا من بيان ان إمكان الداعوية إما هو مأخوذ في قوام حقيقة التكليف حيث يعرف بأنه جعل ما يمكن أن يكون داعيا. أو هو الغرض الداعي للتكليف بناء على أنه بجعل الفعل في عهدة المكلف، فيكون التكليف هو الحصة الملازمة للامكان المزبور.
لأنه من الواضح اختلاف الحكم التكليفي عن الوضعي، ولذا لا يقول أحد بجواز تعلقه بالنائم، فإذا فسر بأنه جعل الفعل في العهدة فلا بد ان يقيد - كما التزم به القائل في غير مورد - بما يكون الغرض منه امكان الدعوة والتحريك كي يختلف عن الحكم الوضعي بذلك. وعلى هذا فالحكم التكليفي انما يتحقق في فرض يتصور فيه امكان الدعوة.
واما في المورد غير القابل للدعوة والتحريك فيمتنع التكليف حقيقة لا انه لغو، بل لا وجود له لان تحققه كما عرفت بامكان الدعوة، إما لاجل ان ذلك دخيل في حقيقته، أو انه الغرض منه وان التكليف هو ما يترتب عليه ذلك وغيره ليس بالتكليف والا لم يكن فرق بين الحكم التكليفي والوضعي.
وبما أنه يستحيل الدعوة إلى الفعل والترك في آن واحد كان ثبوت الحكمين في أنفسهما مستحيلا لعدم ترتب الدعوة على كل من الاعتبارين معا، كما لا يخفى. فظهر من جميع ما تقدم: ان الحكمين متنافيان ولا يمكن اجتماعهما في المراحل الأربعة.
وان ما ذكره المحقق الأصفهاني في بيان إمكان اجتماع الكراهة والإرادة في شئ واحد غير مجد بعد استحالة تحقق علة الوصفين في آن واحد. كما أن ما ذكره من امكان اجتماع اعتبار الوجوب واعتبار الحرمة، لان قوام الاعتبار بالمعتبر لا بالموجود الخارجي. ولا مانع من تعدد الاعتبار في آن واحد غير مجد