على وجوب الحج في المثال المزبور، وذلك لان الوجوب السابق فعلي تام الموضوع، إذ لا مانع منه عقلا، لأنه المفروض ولا شرعا إذ المانع الشرعي المتصور ليس إلا الوجوب الاخر وهو ليس ثابتا فعلا لعدم موضوعه كما فرض ، فلا يصلح للمانعية، وإذا لم يثبت المانع عقلا وشرعا لزم امتثاله، فيرتفع به موضوع اللاحق، وبهذا البيان يمكننا ان ندعي ان هذه الصورة خارجة عن محل الكلام، فإنه لا تزاحم بين الحكمين ولا تمانع، إذ الأول في ظرفه لا مانع منه كما عرفت، والثاني لا موضوع له، فلا ثبوت له ان امتثل الأول، وإن لم يمتثل كان فعليا لتحقق موضوعه، لكنه لا مانع منه إذ الحكم سقط بعصيانه.
وبالجملة: الحكمان لا يكونان في هذه الصورة فعليين في زمان واحد.
فالتفت.
الثانية: أن يكون أحد الحكمين سابقا بموضوعه وامتثاله إلا أنه كان بنحو الواجب الموسع، بمعنى انه إذا لم يمتثل في ظرفه يستمر الحكم ويثبت في زمان اللاحق، كالمثال المتقدم فيما إذا لم يقيد نذره الزيارة بشهر رجب بل مطلقا، ولكن كان تحقق الشرط المعلق عليه المنذور في رجب فيصير الحكم من ذلك الحين فعليا.
وحكم هذه الصورة يتضح مما تقدم، فلا مزاحمة بين الواجب الموسع والواجب المضيق، لعدم التزاحم بين ماله اقتضاء وبين مالا اقتضاء له. نعم، إذا تضيق وقت الموسع في وقت المضيق وقع التزاحم بينهما لكون كل منهما مضيقا.
الثالثة: أن يكون أحد الحكمين سابقا في امتثاله على امتثال الاخر، لكنه مقارن في موضوعه لموضوع الاخر، كما لو نذر قبل الاستطاعة ان يزور الحسين (عليه السلام) اليوم السابع من ذي الحجة ان جاء أخوه من السفر فتقارن مجئ أخيه مع حصول الاستطاعة المالية أو البدنية للحج، أو تعاقبا من دون فصل زماني طويل، بحيث لم يتمكن من الاتيان بالمقدمات المفوتة للسابق قبل حصول