ثم إن هذا المقدار من البيان لا يدفع الوجه الثاني وذلك لان الخاص..
تارة: يكون مدلوله نفي حكم العام عن بعض الافراد مطابقة، كما لو ورد: " أكرم كل عالم " ثم ورد: " لا يجب اكرام النحويين ".
وأخرى: يكون مدلوله اثبات حكم مضاد لحكم العام، لبعض الافراد، كما لو ورد: " يحرم اكرام النحويين "، فان تضيق حكم العام وقصره على بعض افراده مدلول التزامي للخاص باعتبار تضاد الاحكام، فاثبات أحدهما يلازم نفي الاخر.
ومحل الكلام في النحو الثاني، لأنه فرض وجود كاشفين نوعيين أحدهما مطابقي والاخر التزامي، وهو انما يثبت في النحو الثاني.
وعليه فيتوجه عليه:
أولا: انه حيث ثبت ان التنافي بين الاحكام في مرحلة فعليتها. وثبت - بحسب التزامه - ان فعلية الحكم تتحقق بالوصول. وثبت ان دلالة الخاص على نفي حكم العام عن عنوانه باعتبار المنافاة بين الحكمين، لم يكن الخاص دالا على انتفاء حكم العام الا فيما كان حكمه فعليا لعدم المنافاة بين الأحكام الانشائية.
وعليه، فهو يتكفل تضييق حكم العام وقصره على غير النحوي المعلوم - في المثال المزبور - لا على غير النحوي مطلقا، لأنه انما يتكفل نفيه عن النحوي المعلوم، فمورد الشك يعلم بانطباق العام عليه بلا مزاحم ومعارض.
فمع انتفاء الدلالة المطابقية عن الحجية لا وجود للدلالة الالتزامية كي يدعي حجيتها في هذا الحال.
وثانيا: ان بقاء الدلالة الالتزامية على الحجية مع انتفاء المطابقية عنها ليس من المسلمات، بل هو محل بحث وكلام وقد تقدم.
مع أن بعض من يرى عدم انفكاك الدلالتين في مقام الحجية، يلتزم بذلك