القاعدة فنرفع اليد عن ظهور الانشاء في كونه بداعي البعث، ولا مرجح لأحدهما على الاخر.
ثم إنه (قدس سره) بعد هذا النقاش ذكرا امرا يندفع به الايراد فقال:
" ويمكن ان يقال: ان المخصص المنفصل اما ان يرد قبل وقت الحاجة أو بعدها، فإذا ورد قبلها فالانشاء وان كان بداعي البعث جدا الا انه بالإضافة إلى موضوعه الذي يحدده ويعينه بكلامين منفصلين، فإنه لو علم أن عادة هذا المتكلم إفادة مرامه الخصوصي بكلامين لم يكن ظهور كلامه في العموم دليلا على مرامه، وإذا ورد بعدها فالانشاء بداعي البعث الجدي بالإضافة إلى الجميع. غاية الامر ان البعث المزبور منبعث في بعض افراد العام عن المصالح الواقعية الأولية، وفي بعضها الاخر عن المصالح الثانوية بحيث ينتهي أمدها بقيام المخصص " (1).
أقول: يمكن ان يتوجه على صاحب الكفاية بأنه ما المراد من استعمال العام في العموم قاعدة وقانونا، وليكون حجة ونحو ذلك مما ورد في التعبيرات في مختلف المقامات؟. فان المراد منه يحتمل أحد وجهين:
الأول: انه يستعمل في العموم ليكون حجة عليه إذا لم يرد مخصص.
الثاني: انه يستعمل فيه ليكون حجة على الباقي عند ورود المخصص - كما فسره المحقق الأصفهاني -.
فان أريد منه الوجه الأول: فهو انما يستقيم إذا كان ورود المخصص بعد وقت العمل بالعام، فان العام يكون حجة في العموم حين العمل قبل ورود المخصص.
اما إذا كان ورود المخصص قبل وقت العمل بالعام - كما هو الغالب في زماننا - فلا يتم ما ذكره، لان حجية العام في العموم من باب أصالة العموم، وهي