واما الجهة الأولى: فلانه لو كانت الأداة تفيد جعل مدخولها موقع الفرض والتقدير لم يكن هناك حاجة للاتيان بالفاء، كما يشهد لذلك عدم جواز ذكر الفاء لو عبر عن الفرض والتقدير بالاسم، فإنه يقال: " على فرض وتقدير مجئ زيد يجئ عمرو " ولا يقال: " فيجئ عمرو "، مع أن الفرض بالمعنى الاسمي انما يدخل على المفاهيم الافرادية لا التركيبية، فيقال: " على فرض مجئ زيد " لا " على فرض جاء زيد "، ولو كانت الأداة بمعنى الفرض والتقدير لصح ذلك.
فهذا مما يكشف عن اختلاف المعنى. فما افاده (قدس سره) في معنى الأداة غير سديد.
واما المحقق النائيني (قدس سره) فكلامه في المبحثين مرتبك جدا، ولا يخلو عن تهافت، فهو يلتزم أولا بوضع الأداة للتعليق ثم يذهب إلى أنها موضوعة لجعل مدخولها موضع الفرض وانها لا تدل على أكثر من اللزوم، والترتب يستفاد من سياق الكلام وجعل التالي تاليا والمقدم مقدما. وفي مبحث الواجب المشروط ادعى انها موضوعة للربط بين الجملتين (1).
وقد عرفت أن التعليق أخص من الترتب واللزوم، فلا يمكن الجمع بين دعوى كونها موضوعة للتعليق ودعوى انها موضوعة للزوم.
وبالجملة: لا نستطيع اسناد رأي خاص له حتى نرتضيه أو ندفعه.
فالذي يمكن ان ندعيه في معناها هو: انها ظاهرة في إفادة ترتب الجزاء على الشرط ومعلوليته له وتفرعه عليه ثبوتا.
اما دعوى: انها موضوعة لما هو أعم من اللزوم فباطلة جدا، لتبادر اللزوم منها في الجملة، واستعمالها في غير موارده انما يكون بقرينة، أو فقل انها تستعمل في موارد الملازمة الاتفاقية في اللزوم لكن في ظرف خاص.