مدخول " لو " هو الماضي وفرض وجود شئ في الماضي لا يكون الا إذا كان الواقع عدمه فلذا يكون المفروض محالا، وحيث رتب على المحال شئ أيضا في الماضي فهو أيضا محال، لأنه ان كان المرتب عليه علته المنحصرة فلم توجد، وإن لم تكن علته المنحصرة وكانت له علة أخرى فهي أيضا لم توجد، ولذا رتب عدمه على عدم المفروض وجوده.
هذا ما افاده (قدس سره) في مبحث مفهوم الشرط، وأطال في بيانه في مبحث الواجب المشروط (1) وهو غير تام بكلا جهتيه، أعني: ما أفاده في معنى أداة الشرط بقول مطلق، وما افاده في سر دلالة " لو " على الامتناع للامتناع.
اما الجهة الثانية: فقد عرفت أن منشأها وأساسها هو كون فرض شئ في الماضي كاشفا عن عدم وقوعه.
وهذا الامر لا نلتزم به لوجهين:
الأول: النقض بما إذا كان مدخول غير " لو " من أدوات الشرط هو الماضي، فإنه لا يلتزم بأنها تفيد امتناع شئ لامتناع آخر، كما لو قال: " ان كان زيد قد جاء أمس جاء عمرو أمس أيضا "، بل لو كان الفرض والتقدير مدلولا للفظ الاسمي، كما لو قال: " على فرض مجئ زيد أمس فقد جاء عمرو أمس "، فإنه لا يلتزم بدلالة الجملة على الامتناع للامتناع.
الثاني: الحل في الجميع، بأنه لا ينحصر فرض شئ في الماضي بصورة عدم وقوعه، بل كما يمكن أن يكون منشأ الفرض في الماضي عدم تحققه، كذلك يمكن أن يكون منشؤه كون غرض المتكلم ليس إلا بيان الملازمة بين تحقق شئ في الماضي وتحقق آخر فيه أيضا من دون ان يتعلق غرضه ببيان تحققه. كما يمكن أن يكون جاهلا بتحققه وعدمه فيفرض تحققه في الماضي ويرتب عليه شئ آخر.