هذا ملخص ما افاده (قدس سره) (1). ومرجعه إلى بيان عدم اتحاد متعلق الحكمين وعدم المنافاة بين الحكم بالترخيص والكراهة.
وهذا الوجه غير مسلم، فإنه يمكن ان تكون الطبيعة متعلقة للامر والفرد متعلقا للنهي التنزيهي، وذلك لان الفرد إذا اشتمل على مفسدة فاما إن تغلب المفسدة على المصلحة، أو تغلب المصلحة على المفسدة، أو يتساويان. فمع غلبة المفسدة تتعلق به الكراهة، لكنه لا يكون واجدا لملاك الامر لفرض غلبة المفسدة واضمحلال المصلحة في قبالها فلا يتحقق به الامتثال وهو خلاف الفرض، لان الفرض عدم تقيد إطلاق الامر. وان كان الغالب هو المصلحة لم تتعلق الكراهة بالفرد لعدم ملاكها. وان تساويا كان الفرد مباحا، فلا يقع على صفة الوجوب أو الاستحباب، كما لا يقع على صفة الكراهة. فالجمع بين الامر بالطبيعة بحيث يشمل باطلاقه هذا الفرد والنهي عن الفرد غير ممكن. فالمحذور الذي ذكرناه في تقريب تنافي الاحكام وإن لم يصطلح عليه بالتضاد، بعينه جار فيما نحن فيه فلا يمكن الجمع بين الحكمين.
وأما ما ذكره من منافاة الحرمة للترخيص وعدم منافاة الكراهة له، فهو غير تام أيضا، لان المراد بالترخيص اما الترخيص الشرعي أو الترخيص العقلي.
فإن كان المراد هو الترخيص الشرعي، بمعنى حكم الشارع بإباحة تطبيق الطبيعي المأمور به على كل فرد من افراده، فإنه يكون بأحد وجهين:
أحدهما: ان يدعى ان حكمه يوجوب الطبيعة لازمه الحكم بالإباحة، ففي مورد الوجوب هناك حكمان، حكم بوجوب صرف الوجود وحكم بإباحة تطبيق الطبيعة على كل فرد.